للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وِإن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} فأيقنت أني واردها، ولا أدري أنجو منها أم لا؟ (١).

وقال حفص بن حميد، عن شمر بن عطية: كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إذا قرأ هذه الآية يبكي، ويقول: رب، ممن تنجي؟ أو ممن تذر فيها جثيًّا؟!.

وروى أبو إسحاق عن أبي ميسرة أنّه كان إذا أوى إِلَى فراشه، قَالَ: يا ليت أمي لم تلدني، فقالت له امرأته: يا أبا ميسرة، إن الله قد أحسن إليك هداك للإسلام، فَقَالَ: أجل، إن الله يبين لنا أنا واردو النار، ولم يبين لنا أنا صادرون منها.

وروينا من طريق سفيان بن حسين، عن الحسن، قَالَ: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذا التقوا يقول الرجل منهم لصاحبه: هل أتاك أنك وارد النار، فيقول: نعم، فيقول: هل أتاك أنك خارج منها؟ فيقول: لا، فيقول: ففيم الضحك إذًا؟

وقال ابن عيينة عن رجل، عن الحسن: قَالَ رجل لأخيه، يا أخي، هل أتاك أنك وارد النار؟ قَالَ: نعم، قَالَ: هل أتاك أنك خارج منها؟ قَالَ، لا، قَالَ: ففيم الضحك إذًا؟ قَالَ: فما رؤي ضاحكًا حتى مات.

وقال الإمام أحمد: حدثثا هاشم بن القاسم، حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن في قوله عز وجل: {وِإن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: ١٧] قَالَ: قَالَ رجل لأخيه: قد جاءك عن الله أنك وارد في جهنم؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فأيقنت بالورود؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فأيقنت وصدقت بذلك؟ قَالَ: نعم، وكيف لا أصدق وقد قَالَ الله عز وجل: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كانَ عَلَى رَبِّكَ حَتما مَّقْضِيًّا} [مريم: ٧١] قَالَ: فأيقنت أنك صادر عنها؟ قَالَ: والله ما أدري لأصدر عنها أم لا؟ قَالَ: ففيم التثاقل ففيم الضحك؟ ففيم اللعب؟

قَالَ أحمد: وحدثنا خلف بن الوليد، أنبأنا المبارك، قَالَ: سمعت الحسن


(١) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ١١٨) بنحوه.

<<  <   >  >>