للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى ابن أبي الدُّنْيَا بإسناده، عن عبد المؤمن الصائغ، قَالَ: دعوت رباحًا القيسي ذات ليلة إِلَى منزلي، فجاءني في السحر، فقربت إِلَيْه طعامًا، فأصاب منه شيئًا، فقلت: ازدد فما أراك شبعت، قَالَ: فصاح صيحة أفزعتني، وقال: كيف أشبع أيام الدُّنْيَا، وشجرة الزقوم بين يدي طعام الأثيم، قَالَ: فرفعت الطعام من بين يديه، فقلت: أنت في شيء ونحن في شيء.

وبإسناده عن أبي سعد (*)، قَالَ: دخل عبيد الله بن الوليد، عَلَى حبابة التيمية، فعدمت له سمنًا وخبزًا وعسلاً، فَقَالَ: يا حبابة ما تخافين أن يكون بعد هذا الضريع، قَالَ: فما زال يبكى وتبكي، حتى قام ولم يأكل شيئًا.

وبإسناده عن سوار بن عبد الله القريعي، قَالَ: كنا مع عمرو بن درهم في بعض السواحل، وقال: وكان لا يأكل إلاَّ من السحر إِلَى السحر، فجئنا بطعام، فلما رفع الطعام إِلَى فيه، سمع بعض المتهجدين وهو يقرأ: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ} [الدخان: ٤٣، ٤٤] فغشي عليه، وسقطت اللقمة من يده، فلم يفق إلاَّ بعد طلوع الفجر، فمكث بذلك سبعًا، لا يطعم شيئًا، كما قرب إِلَيْهِ عام، عرضت له الآية، فيقوم ولا يطعم شيئًا، فاجتمع إِلَيْه أصحابه، فقالوا: سبحان الله! تقتل نفسك؟! فلم يزالوا به حتى أصاب شيئًا.

وبإسناده عن محمد بن سويد، قَالَ: كان لطاووس طريقان إذا رجع من المسجد، أحدهما فيه رواس، وكان يرجع إذا صلّى المغرب، فإذا أخذ الطريق الَّذِي فيه الرواس لم يتعش، فقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: إذا رأيت تلك الرؤوس كالحة لم أستطع آكل.

وذكر مالك بن أنس هذه الحكاية، عن طاووس، قَالَ مالك: يعني لقول الله تعالى: {وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: ١٠٤]

وروى ابن أبي الدُّنْيَا أيضاً بإسناده عن عبد الله بن عمر أنّه شرب ماء باردًا فبكى واشتد بكاؤه، فقيل: ما يبكيك؟ فَقَالَ: ذكرت آية في كتاب الله قوله:


(*) في المطبوع: "عن أبي سعيد".

<<  <   >  >>