للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يبق إلاَّ أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج بها قومًا لم يعملوا خيرًا قط، قد عادوا حممًا، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة، يقال له نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل"، وذكر بقية الحديث. خرجاه في الصحيحين (١)، ولفظه لمسلم.

والمراد بقوله: "لم يعملوا خيرًا قط" من أعمال الجوارح، وإن كان أصل التوحيد معهم، ولهذا جاء في حديث الَّذِي أمر أهله أن يحرقوه بعد موته بالنار، إنه لم يعمل خيرًا قط غير التوحيد. خرجه الإمام أحمد، من حديث أبي هريرة مرفوعًا (٢)، ومن حديث ابن مسعود موقوفًا (٣).

ويشهد لهذا ما في حديث أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، في حديث الشفاعة، قَالَ: فأقول: "يا رب، ائذن لي فيمن يقول لا إله إلاَّ الله، فيقول: "وعزتي وجلالي، وكبريائي وعظمتي، لأخرجن من النار من قَالَ: لا إله إلاَّ الله". خرجاه في الصحيحين (٤).

وعند مسلم: (٥) "فيقول: ليس ذلك لك، أو ليس ذلك إليك".

وهذا يدل عَلَى أن الذين يخرجهم الله برحمته، من غير شفاعة مخلوق، هم أهل كلمة التوحيد، الذين لم يعملوا معها خيرًا قط بجوارحهم، والله أعلم.

وروى أبو الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "يوضع الصراط بين ظهراني جهنم، عليه حسك كحسك السعدان، ثم يستجيز الناس، فناج مسلم، ومجروح به ناج، ومحتبس منكوس فيها، فَإِذَا فرغ الله من القضاء بين العباد، وتفقد المؤمنون رجالاً في الدُّنْيَا، كانوا يصلون بصلاتهم، ويزكون بزكاتهم، ويصومون بصيامهم، ويحجون بحجهم، ويغزون بغزوهم، فيَقُولُونَ: أي ربنا، عباد


(١) أخرجه البخاري (٤٥٨١)، ومسلم (١٨٣).
(٢) في "المسند" (٢/ ٢٦٩)، وأخرجه البخاري (٣٤٨)، ومسلم (٢٧٥٦).
(٣) في "المسند" (١/ ٣٩٨).
(٤) أخرجه (٧٥١٠)، ومسلم (١٩٣/ ٣٢٦).
(٥) برقم (١٩٣/ ٣٢٦).

<<  <   >  >>