للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا رُوي أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، قرأ هذه السورة عَلَى الجن (١)، وأبلغهم إياها، لما تضمنت ذكر خلقهم وموتهم وبعثهم وجزائهم.

وأما سائر الخلق، فأشرفهم الملائكة، وهم متوعدون عَلَى المعصية بالنار، وهم خائفون منها، قَالَ الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٢٦ - ٢٩].

وقد استفاض عن جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وإن هاروت وماروت كانا ملكين، وأنهما خُيِّرا بعد الوقوع في المعصية، بين عذاب الدُّنْيَا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدُّنْيَا لعلمهما بانقطاعه.

وقد رُوي في ذلك حديث مرفوع، من حديث ابن عمر، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، خرّجه الإمام أحمد (٢) وابن حبان في صحيحه (٣)، لكن قد قيل: إن الصحيح


(١) كما في حديث جابر عند الترمذي برقم (٣٢٩١) وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد، قَالَ ابن حنبل: كأن زهير بن محمد الَّذِي وقع بالشام ليس هو الذي يُروى عنه بالعراق كأنه رجل آخر قلبوا اسمه، يعني لما يروون عنه من المناكير.
وسمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: أهل الشام يروون عن زهير بن محمد مناكير، وأهل العراق يروون عنه أحاديث مقاربة.
(٢) (٢/ ١٣٤).
(٣) برقم (١٧١٧ - موارد). قَالَ العجلوني في كشف الخفاء (٢/ ٤٣٩) هاروت وماروت وقصتهما مع الزهرة أخرجه أحمد وابن حبان وابن السني وآخرون عن ابن عمر مرفوعًا، وفي سنده موسى بن جبير قَالَ فيه ابن القطان: لا يعرف حاله، وقال ابن حبان: إنه يخطئ ويخالف، لكن تابعه معاوية بن صالح فرواه بنحوه عن نافع كما أخرجه ابن جرير في تفسيره.
وأورد ابن كثير الحديث في تفسيره (١/ ١٣٩ - دار الجيل) فَقَالَ: ذكر الحديث الوارد في ذلك إن صح سنده ورفعه وبيان الكلام عليه، ثم أورد الحديث بسنده=

<<  <   >  >>