للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملائكة، فلما خلق بنو آدم سكنت.

فأما البهائم والوحش والطير، فقد رُوي ما يدل عَلَى خوفها أيضاً.

قَالَ عامر بن يساف، عن يحيى بن أبي كثير، قَالَ: بلغنا أنّه إذا كان يوم نوح داود عليه السلام يأتي الوحش من البراري، وتأتي السباع من الغياض، وتأتي الهوام من الجبال، وتأتي الطيور من الأوكار، وتجتمع الناس في ذلك اليوم، ويأتي داود عليه السلام حتى يرقى المنبر، فيأخذ في الثناء عَلَى ربه، فيضجون بالبكاء والصراخ، ثم يأخذ بذكر الجنة والنار، فيموت طائفة من الناس وطائفة من السباع وطائفة من الوحوش وطائفة من الهوام وطائفة من الرهبان والعذارى المتعبدات، ثم يأخذ بذكر الموت وأحوال القيامة فيأخذ بالنياحة عَلَى نفسه، فيموت طائفة من هؤلاء، ومن كل صنف طائفة. خرّجه ابن أبي الدُّنْيَا.

وأما غير الحيوان من الجمادات وغيرها، فقد أخبر الله عنها، أنها تخشاه، قَالَ الله تعالى: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: ٧٤].

قَالَ ابن أبي نجيح: عن مجاهد: كل حجر يتفجر منه الماء فيتشقق عن ماء، تردى عن رأس جبل، فهو من خشية الله عز وجل، نزل بذلك القرآن.

وخرج الجوزجاني وغيره من طريق مجاهد عن ابن عباس، قَالَ: إن الحجر ليقع إِلَى الأرض، ولو اجتمع عليه الفئام من الناس، ما استطاعوه، لأنه يهبط من خشية الله.

قَالَ ابن أبي الدُّنْيَا (١): حدثني أحمد بن عاصم بن عنبسة العباداني، أنبأنا الفضل بن العباس -وكان من الأبدال، وكانت الدموع قد أثرت في وجهه، وكان يصوم الدهر، ويفطر كل ليلة عَلَى رغيف -قَالَ: مر عيسى عليه السلام بجبل بين نهرين، نهر عن يمينه، ونهر عن يساره، ولا يدري من أين يجيء هذا الماء، [ولا


(١) في "صفة النار" (٢٣٣).

<<  <   >  >>