يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى قُتِلْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنْ قَاتَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَرِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ تَعَلَّمْتُ فِيكَ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقَالَ، هُوَ عَالِمٌ، فَقَدْ قِيلَ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ» وَفِي لَفْظٍ «فَهَؤُلَاءِ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
وَسَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَةَ يَقُولُ: كَمَا أَنَّ خَيْرَ النَّاسِ الْأَنْبِيَاءُ فَشَرُّ النَّاسِ مَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ، فَخَيْرُ النَّاسِ بَعْدَهُمُ الْعُلَمَاءُ، وَالشُّهَدَاءُ، وَالصِّدِّيقُونَ، وَالْمُخْلِصُونَ، وَشَرُّ النَّاسِ مَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ لِأَخِيهِ مَظْلَمَةٌ فِي مَالٍ أَوْ عِرْضٍ فَلْيَأْتِهِ، فَلْيَسْتَحِلَّهَا مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَأُعْطِيهَا هَذَا، وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ هَذَا فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» .
وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ بَنُو آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، قَالُوا: وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةٌ، قَالَ: فَإِنَّهَا قَدْ فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا» .
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَإِنْ قُتِلْتَ أَوْ حُرِّقْتَ، وَلَا تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ، وَلَا تَتْرُكَنَّ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا، فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَلَا تَشْرَبَنَّ خَمْرًا، فَإِنَّهُ رَأَسُ كُلِّ فَاحِشَةٍ، وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصِيَةَ، فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ تُحِلُّ سَخَطَ اللَّهِ» .
وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ مَا ذَكَرْنَا، فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ أَنْ يَتَعَامَى عَنْهَا، وَيُرْسِلَ نَفْسَهُ فِي الْمَعَاصِي، وَيَتَعَلَّقَ بِحُسْنِ الرَّجَاءِ وَحُسْنِ الظَّنِّ.
قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ بْنُ عَقِيلٍ: احْذَرْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِهِ، فَإِنَّهُ قَطَعَ الْيَدَ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، وَجَلَدَ الْحَدَّ فِي مِثْلِ رَأْسِ الْإِبْرَةِ مِنَ الْخَمْرِ، وَقَدْ دَخَلَتِ الْمَرْأَةُ النَّارَ فِي هِرَّةٍ، وَاشْتَعَلَتِ الشَّمْلَةُ نَارًا عَلَى مَنْ غَلَّهَا وَقَدْ قُتِلَ شَهِيدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute