وقد قَالَ النَّبِيّ عَلَيْهِ الصلاة والسلام:" لا حسد إلَّا فِي اثنين: رَجُل آتاه الله القرآن فهو يقوم بِهِ آناء الليل وآناء النهار ".
وعن عيسى بْن مريم عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: طوبى لمن قرأ القرآن ثُمَّ عمل بِهِ.
وعلى الحفظ والتحفظ كَانَ الصدر الأول ومن بعدهم، فربما قرأ الأكبر منهم عَلَى الأصغر منه سنا وسابقة، فلم يكن الفقهاء منهم ولا المحدثون والوعاظ يتخلفون عَن حفظ القرآن والاجتهاد عَلَى استظهاره، ولا المقربون منهم عَن العلم بما لم يسعهم جهله منه، غير أنهم نسبوا إلى ما غلب عليهم من المعرفة بحروفه أو العلم بغيرها، إلى أن خلفهم الخلف الَّذِين مضى ذكرهم، فاتهم في طراتهم وحداثتهم طلب حفظ القرآن وفي أوانه، ولحقهم العجز والبلادة عَلَى سنهم، من غير أن كَانَ لهم أنس بتلاوة كتاب من ربهم، ولا بلطيف خطابه وشريف عتابه، فعوقبوا لحرمانه وإيثار الجدل والنطاح اللَّذِين يؤديان إلى تفريق الأمة، وتمقيت بعضهم إلى بعض، وصار ذَلِكَ أروج لهم فِي مجالس الظلمة والمسلطين الفجرة فمضوا بذَلِكَ وأسند بجوابه، والله زين لهم ذَلِكَ فَقَالَ عزَّ وجلَّ:{كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}[الأنعام: ١٠٨] ، ومع ذَلِكَ فإنهم لا