يدخلون حفرهم إلَّا تحسرا وتكمدا وتأسفا عَلَى ما فاتهم من بركة حفظ كتاب الله الكريم، ولا يظهر ذَلِكَ عليهم إلَّا عِنْدَ الطعن فِي السن، أو الإشراف على الفوت، أو التغرغر بالموت، لكنهم فِي الحال يستنزرون حفظ القرآن، ويزرون بأهله ويلقبونهم بما تقدم من النبز.
فأما من لم يتحل بالعلم بل ترسم بالنسك ثُمَّ أزرى بأهل القرآن ونبزهم بالقراء فإنه بربخ لا قيمة لَهُ، فربما كَانَ ذَلِكَ منه بلادة وعجزا أو تعديا وجهلا، فليتق الله امرؤ بعد عجزه عمن حفظ كتاب الله، ولا يفترن غيره فإنه لا يأمن أن يصير كمن كفر بِهِ وصد عَنْهُ، وقد قَالَ الله عزَّ وجلَّ فِي ذم قوم صدوا عَنْهُ وهجروه، فَقَالَ عزَّ من قائل إخبارا عنهم:{لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي}[الفرقان: ٢٩] ، وقَالَ تَعَالَى:{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْءَانَ مَهْجُورًا}[الفرقان: ٣٠] .