للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن المحبة شرطها الاتباع لا الابتداع فاننا نخشى أن يكون صلى الله تعالى عليه وسلم أول من يسألنا عن دمه يوم القيمة فالواجب علينا الكف عنه حيث اسلم وحسابه على ربه العالم بما فى قلبه كما كان صلى الله تعالى عليه وسلم يقبل الإسلام في الظاهر * ويكل الأمر إلى عالم السرائر (ومنها) أنه لو كان حده القتل وإن تاب عندنا لزم أن تكون علة القتل هى خصوص السب لا كونه من جزئيات الردة فيلزم قتل الساب إذا كان ذميًا لوجود العلة مع أن المتون مصرحة بأنه لا ينتقض عهده بذلك * نعم للحاكم قتله إذا رأى ذلك سياسة لاحدًا كما سيأتي مع بيان شرطه (ومنها) أنه إذا تعارض دليلان أحدهما يقتضى التحريم والآخر يقتضى الاباحة قدم المحرم كما نص عليه علماؤنا (ومنها) أن الحدود تدرأ بالشبهات * قال فى الاشباء والنظائر القاعدة السادسة الحدود تدرأ بالشبهات وهو حديث رواه الجلال السيوطى معزيا إلى ابن عدى من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما* وأخرج ابن ماجه من حديث أبى هريرة ادفعوا الحدود ما استطعتم وأخرج الترمذى والحاكم من حديث عائشة رضى الله تعالى عنها ادرؤ الحدود عن المسلمين ما استعطتم فإن وجدتم للمسلمين مخرجًا فخلوا سبيلهم فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة * وأخرج الطبراني عن بن مسعود رضى الله تعالى عنه موقوفًا ادرؤ الحدود والقتل عن عباد الله ما استطعتم * وفى فتح القدير اجمع فقهاء الامصار على أن الحدود تدرأ بالشبهات والحديث المروى في ذلك متفق عليه وتلقته الامة بالقبول انتهى ما فى الاشباه (ومنها) ما قدمناه في قصة ابن أبي سرح فإنه بعد ما اسلم ارتدو وقع منه ما وقع من الافتراء والطعن على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثم جاء به عثمان رضي الله تعالى عنه فبايعه صلى الله تعالى عليه وسلم وقبل إسلامه ولم يقتله فلو كان قتله حدا من الحدود الشرعية التي لا يجوز تركها ولا العفو عنها ولا الشفاعة فيها لما تركه صلى الله تعالى عليه وسلم مع أنه اعرض عنه أو لا حتى يقتله بعض أصحابه ورواية أنه اسلم قبل مجيئه لم تثبت بل أنكرها أهل السير كما ذكره الإمام السبكى* وقد وردان عثمان قال للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم بعد ذلك فى ابن أبى سرح أنه نفر منك كلما لقيك قال الم ابايعه واؤمنه قال بلى ولكنه يتذكر جرمه فى الإسلام فقال الإسلام يجب ما قبله ففيه بيان أن كلا من القتل والاثم زال بالاسلام وإن قتله كان حقا لله تعالى لاحقا لعبد والا لم يسقط بالاسلام * وما قيل أنه حقه صلى الله تعالى عليه وسلم وقد سقط بعفوه في حياته فلا يسقط بعد موته بالتوبة لعدم عفو صاحب الحق وإنما الساقط

<<  <  ج: ص:  >  >>