للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الامدادات الالهية لا تنزل على عبد إلا إذا مجرد من رؤية حسناته وصار فقيرا قال تعالى ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ ولذلك وردان من حج ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فيولد هناك ولادة جديدة وربما كانت حسنات بعض الناس كالذنوب بالنظر إلى ذلك المحل الاقدس فقلت له فهل يحيط أحد من الأولياء باخلاق القطب رضى الله تعالى عنه فقال قل من الأولياء من يعرف القطب فضلا عن أن يحيط باخلاقه بل قال بعضهم أن القطب الغوث لا يرى إلا بصورة استعداد الرآى انتهى (وقال أيضًا سألت شيخنا رضى الله تعالى عنه عن مدة القطب هل له مدة معينة إذا وليها ولى وهل يصح عزل القطب أم لا يعزل إلا بالموت فقال رضى الله تعالى عنه ذهب جماعة إلى أن مدة القطب كغيرها من الولايات يقيم فيها صاحبها ما شاء الله تعالى ثم يعزل والذي أقول به وساعده الوجود أن القطبية ليس لها مدة معينة وإذا وليها صاحبها لا يعزل إلا بالموت لأنَّه لا يصح في حقه خروج عن العدل حتى يعزل قال وإيضاح ذلك أن الفروع تابعة للأصول وقد أقام صلى الله تعالى عليه وسلم في القطبية الكبرى مدة رسالته وهى ثلث وعشرون سنة على الأصح واتفقوا على أنه ليس بعده أحد أفضل من أبي بكر الصديق رضى الله تعالى عنه وقد أقام في خلافته عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سنتين ونحو أربعة أشهر وهو أول اقطاب هذه الأمة وكذلك مدة خلافة عمر وعثمان وعلي ومن بعدهم إلى ظهور المهدى وهو آخر الاقطاب من الخلفاء المحمديين ثم ينزل بعده قطب وقته وخليفة الله تعالى في الأرض عيسى بن مريم فيقيم في الخلافة أربعين سنة كما ورد فعلم أن الحق عدم تقدير مدة القطابة بمدة معينة وإن كانت ثقيلة على صاحبها كالجبال فإن الله تعالى يعينه عليها إذ لا ينزل بلاء من السماء والأرض إلا بعد نزوله على القطب ولذلك كان من شأنه دائما تصدع الرأس حتى كأن أحدا يضربه فيها يطير ليلا ونهارا قال وبلغنا عن الشيخ أبي النجا سالم المدفون بمدينة فوه أنه أقام في القطبية أربعين يوما ثم مات وقيل أنه أقام فيها عشرة أيام وبلغنا مثل ذلك عن الشيخ أبي مدين المغربي فقلت لشيخنا فهل يشترط أن يكون القطب من أهل البيت كما قاله بعضهم فقال لا يشترط ذلك لأنها طريق وهب يعطيها الله تعالى لمن شاء فتكون في الإشراف وغيرهم انتهى ﴿فصل﴾ قد علمت مما ذكر أن القطب مختف عن أكثر الناس وأنه لا يطلع عليه إلا الافراد منهم وكأنه لعظم ما تحمله من الواردات وثقل أعبائها التي تعجز عنها المخلوقات وعظم ما كساه الله تعالى من الهيبة والوقار لا تكاد تطيق رؤيته الابصار، وقد أفصح

<<  <  ج: ص:  >  >>