رأسه وقال وكان أمر الله قدرا مقدورا، وفيها أيضًا (فإن قيل) فما الغالب على الولى في أوان صحوه (قيل) صدقه في أداء حقوقه سبحانه ثم رفقه وشفقته على الخلق في جميع أحواله ثم انبساط رحمته لكافة الخلق ثم دوام عنهم بجميل الحق وابتدائه لطلبة الإحسان من الله تعالى إليهم من غير التماس منهم وتعليق الهمة بنجاة الخلق وترك الانتقام منهم والتوقى عن استشعار حقد عليهم مع قصر اليد عن أموالهم وترك الطمع من كل وجه فيهم وقبض اللسان عن بسطه بالسوء فيهم والتصاون عن شهود مساويهم ولا يكون خصما لأحد في الدنيا والآخرة انتهى (إذا علمت) ذلك فنقول الكرامة هي ظهور أمر خارق للعادة على يد عبد ظاهر الصلاح ملتزم لمتابعة نبي من الأنبياء مقترنا بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح غير مقارن لدعوى النبوة وبهذا يمتاز عن المعجزة وبمقارنة صحيح الاعتقاد والعمل الصالح عن الاستدراج وعن مؤكدات تكذيب الكذابين كما روى أن مسيلمة (بكسر اللام) دعا لأعور أن تصير عينه العورا صحيحة فصارت عينه الصحيحة عورا وبصق في بئر لتزداد حلاوة مائها فصار ملحا أجاجا ومسح على رأس يتيم فصار أقرع وهذا يسمى إهانة كما امتازت بكونها على يد ولى عما يسمى معونة وهي الخوارق الظاهرة على أيدى عوام المسلمين تخليصا لهم من المحن والمكاره. وبهذا ظهر أن الخوارق أربعة معجزة وكرامة وإهانة ومعونة وعليه اقتصر بعضهم. وزاد بعض المتأخرين الارهاص أي التأسيس وهو ما يكون قبل دعوى النبوة كتسليم الحجر وإظلال الغمام قبل البعثة على النبي ﵊ والاستدراج وهو ما يظهر على يد ظاهر الفسق وهى طبق دعواه بلا سبب كما وقع لفرعون السحر والشعبذة وهو ما يكون بسبب كأكل الحيات وهى تلدغه ولا يتأثر لها (ثم أعلم) أن كل خارق ظهر على يد أحد من العارفين فهو ذو جهتين جهة كرامة من حيث ظهوره على يد ذلك العارف وجهة معجزة للرسول من حيث أن الذي ظهرت هذه الكرامة على يد واحد من أمته لأنَّه لا يظهر بتلك الكرامة الآتي بها ولى إلا وهو محق في ديانته وديانته هي التصديق والإقرار برسالة ذلك الرسول مع الاطاعة لأوامره ونواهيه حتى لو ادعى هذا الولى الاستقلال بنفسه وعدم المتابعة لم يكن وليا ولم يظهر ذلك على يده فالخارق بالنسبة إلى النبي لا يكون إلا معجزة سواء ظهر من قبله فقط أو من قبل احاد أمته وبالنسبة إلى الولى لا يكون إلا كرامة لخلوه عن دعوى من ظهر على يده على النبوة فالنبي لابد من علمه بكونه نبيا ومن قصده إظهار خوارق العادات ومن حكمه قطعا بموجب المعجزات بخلاف الولى قاله بعض