المحققين، وقد أشار إلى ذلك أيضًا الإمام القشيرى في رسالته، ثم قال وهذا أبو يزيد البسطامي سئل عن هذه المسئلة فقال مثل ما حصل للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كثل زق فيه عسل ترشح منه قطرة فتلك القطرة مثل ما لجميع الأولياء وما في الظرف مثل ما لنبينا ﵊ انتهى. وفيما مر إشارة إلى جواز كون الكرامة من جنس ما وقع معجزة للأنبياء كانفلاق البحر وانقلاب العصى حية واحياء الموتى خلافا لمن منع كونها من جنس ذلك زعما منهم أنها لا تمتاز عن المعجزة إلا بذلك وفى عمدة المريد للبرهان اللقانى قال السعد نقلا عن الإمام في رد هذه المقالات وهذه الطرق غير سديدة والمرضى عندنا تجويز جميع خوارق العادات في معرض الكرامات وإنما تمتاز عن المعجزات بخلوها عن دعوى النبوة حتى لو ادعى الولى النبوة صار عدو الله تعالى لا يستحق الكرامة بل اللعنة والاهانة انتهى. ثم نقل فيها مثله عن الإمام النووى حيث جعل ما قاله البعض غلطا وانكار اللحس وإن الصواب جريانها بقلب الاعيان ونحوه قلت ومشى عليه الإمام النسفى ونظمه شارح الوهبانية فقال:
وإثباتها في كل ما كان خارقا … عن النسفي النجم يروى وينصر
فاعلم ذلك (تتمة) قال في الرسالة واعلم أنه ليس للولى مساكنة (أي سكون) إلى الكرامة التي تظهر عليه ولا له ملاحظة وربما يكون لهم في ظهور جنسها قوة يقين وزيادة بصيرة تتحقهم أن ذلك فعل الله تعالى فيستدلون بذلك على صحة ما هم عليه من العقائد وبالجملة فالقول بجواز ظهورها على الأولياء واجب وعليه جمهور أهل المعرفة ولكثرة ما تواتر بأجناسها الاخبار والحكايات صار العلم بكونها وظهورها على الأولياء في الجملة علما قويا انتفى عنه الشكوك ومن توسط هذه الطائفة وتواتر عليه حكاياتهم وأخبارهم لم يبق له شبهة في ذلك على الجملة ومن دلائل هذه الجملة نص القرآن في قصة صاحب سليمان ﵊ حيث قال ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ ولم يكن نبيا والأثر عن أمير المؤمنين عمر رضى الله تعالى عنه صحيح أنه قال يا سارية الجبل في حال خطبته في يوم الجمعة وتبليغ صوت عمر رضى الله تعالى عنه إلى سارية في ذلك الوقت حتى تحرز من مكامن العدو من الجيل في تلك الساعة، ثم قال بعد كلام ذكره ومما شهد من القرآن على إظهار الكرامات على الأولياء قوله تعالى في قصة مريم ولم تكن نبيا ولا رسولا ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا﴾ وكان يقول أنى لك هذا فتقول مريم هو من عند الله وقوله سبحانه لمريم ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ