للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذا قال القائل

لا مات خصادك بل خلدوا … حتى يروا منك الذي يكمد

ولا خلاك الدهور من حاسد … فإن خير الناس من يحسد

(فإن قلت) قد عرفنا مزيد فضل هذا الإمام، وكثرة الثناء عليه من عامة الانام، وإن من تكلم فيه بالنسبة إليهم اقل القليل، ولكن القاعدة التي عليها التعويل، بين اهلى التفريع والتأصيل، أن الجرح مقدم على التعديل (قلت) هذا في غير من اشتهرت عدالته، وظهرت ديانته، وفى غير من علم أن التكلم فيه ناشئ عن عداوة، أو جهالة وغباوة، فقد قال الحافظ الباجي الصواب عندنا أن من ثبتت إمامته وعدالته وكثر مادحوه ومزكوه، وندر جارحوه، وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره فانا لا نلتفت إلى الجرح فيه ونعمل فيه بالعدالة وإلا فلو فتحنا هذا الباب واخذنا تقديم الجرح على إطلاقه لما سلم لنا أحد من الأئمة إذ ما من امام إلا وقد طعن فيه طاعنون، وهلك فيه هالكون، قد عقد الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتاب العلم بابا في حكم قول العلماء بعضهم في بعض بدأ فيه بحديث الزبير رضى الله تعالى عنه (دب إليكم داء الامم قبلكم الحسد والبغضاء) الحديث، وروى بسنده عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال اسمعوا علم العلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعض فوالذي نفسي بيده لهم أشد تغايرا من التيوس في ذروبها وعن مالك بن دينار يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شيء الا قول بعضهم في بعض (وقال) الإمام المحقق الشيخ تاج الدين السبكي في طبقاته الكبرى بعد نقله لكثير من كلام الإمام ابن عبد البر محررا لهذه المسئلة أن الجارح لا يقبل منه الجرح وإن فسره في حق من غلبت طاعاته على معاصيه ومادحوه على ذاميه ومزكوه على جارحيه إذا كانت هناك قرينة يشهد العقل بان مثلها حامل على الوقيعة في الذي جرحه من تعصب مذهبي أو منافسة دنيوية كما يكون بين النظراء أو غير ذلك فنقول مثلا لا يلتفت إلى كلام ابن أبي ذيب في مالك وابن معين في الشافعي والنسائى في أحمد بن صالح لأن هؤلاء أئمة مشهورون صار الجارح منهم كالآتي بخير غريب لو صح لتوفرت الدواعى على نقله وكان القاطع قائما على كذبه فيما قاله ومما ينبغي أن يتفقد عند الجرح حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح فربما خالف الجارح المجروح في العقيدة فجرحه لذلك واليه أشار الرافعي بقوله وينبغي أن يكون المزكون برآء من الشحناء والعصبية في المذهب خوفا من أن يحملهم ذلك على جرح عدل أو تزكية فاسق وقد وقع هذا لكثير من

<<  <  ج: ص:  >  >>