في العادة ملك الأشياء الحقيرة لأملك الأموال الكثيره فوقوع نفى ملك الدرهم عنه في الوجود فاضل عن وقوع نفى الدينار عنه أي أكثر منه يقال فضل عنه وعليه بمعنى زاد وفضلا على التقدير الأول حال وعلى الثاني مصدر وهما الوجهان اللذان ذكرهما الفارسى لكن توجيه الإعرابين مخالف لما ذكر ولعل من لم يقو أنه بتجويزات العرب في كلامها يقدح فيما ذكرت بكثرة الحذف وهو كما قيل (إذا لم تكن إلا الأسنة مركبا • فلا رأى للمحتاج إلا ركوبها) وقد بينت في التوجيه أن مثل هذا الحذف والتجوز واقع في كلامهم هذا خلاصة ما ذكره ابن هشام الأنصاري في رسالته وقد قرر الإعراب والمعنى المراد السيد الشريف قدس سره في حواشي الكشاف على غير ما مر فقال هو مصدر يتوسط بين أدنى وأعلى للتنبيه ينفى الأدنى واستبعاده عن الوقوع على نفى الأعلى واستحالته أي عده محالا عرفا فيقع بعد نفى إما صريح كقولك فلان لا يعطى الدرهم فضلًا عن الدينار تريدان إعطاء الدرهم منفى ومستبعد فكيف يتصور منه إعطاء الدينار وأما ضمنى كقوله وتقاصر الهمم الخ يريد أن هممهم تقاصرت عن بلوغ أدنى عدد هذا العلم وصار منفيا مستبعدا عنهم فكيف ترقى إلى ما ذكر وهو مصدر قولك فضل عن المال كذا إذا ذهب أكثره وبقى أقله ولما اشتمل على معنى الذهاب والبقاء ومعنى الكثرة والقلة ظهر هناك توجيهان * فمنهم من نظر إلى معنى الذهاب والبقاء فقال تقدير الكلام فضل عدم إعطاء الدرهم عن إعطاء الدينار أي ذهب إعطاء الدينار بالمرة وبقى عدم إعطاء الدرهم فالباقى هو نفى الأدنى المذكور قبل فضلًا والذاهب هو نفس الأعلى المذكور بعده * وعلى هذا التوجيه يفوت شيآن من أصل الاستعمال الأول كون الباقى من جنس الذاهب إذ ليس انتفاء الأدنى من جنس الأعلى الثاني كون الباقى أقل من الذاهب إذ لا معنى لكون انتفى الأدنى أقل من جنس الأعلى (فإن قلت) يرد عليه أن المفهوم من فضلا ح أن ما بعده ذاهب منتف بتمامه وأما أنه أدخل في الانتفاء وأقوى فيه مما نفى قبله كما هو المقصود فلا (قلت) قد يفهم ذلك من كونه أعلى وأدنى لأن الأعلى أولى بالانتفاء من الأدنى ومنهم من نظر إلى القلة والكثرة فقال التقدير في المثال فضل عدم إعطاء الدرهم عن عدم إعطاء الدينار أي العدم الأول قليل بالقياس إلى العدم الثاني فإن الأول عدم ممكن مستبعد وقوعه والثانى عدم مستحيل فهو أكثر قوة وأرسخ من الأول * وعلى هذا التوجيه يفوت من أصل الاستعمال معنى الذهاب والبقاء ويلزم أن لا يكون كلمة عن صلة له بحسب معناه المراد بل بحسب أصله ويحتاج إلى تقدير النفي فيما بعد فضلًا * وههنا توجيه ثالث مبنى على اعتبار ورود