للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهل بلغ بابن عبد البر أن اعتبر قول مسلم قولاً شاذًّا، لا يؤثر في حصول الإجماع؟!! والحاصل أن أحدًا لم يقل ذلك، حتى ابن رجب الذي بالغ فزعم أن اشتراط العلم باللقاء رأي الجماهير، فقد نصّ على أن مسلمًا موافَقٌ من ابن حبان وغيره من المتأخرين (حسب وصف ابن رجب) .

إذن لا يمكن أن يكون هناك إجماعٌ على اشتراط العلم باللقاء، ولا يمكن أن يكون هذا مقصود ابن عبد البر.

ويزداد عدمُ قبول ذلك في فهم كلام ابن عبد البر أنه نصَّ على أنّ رأيه الذي يعرضه رأيٌ اتفق عليه المشترطون للصحّة والمصنفون في الصحيح.

ولا أحسب ابنَ عبد البر قد نسي صحيح مسلم بمقدّمته التي نقل فيها الإجماع على عدم اشتراط العلم باللقاء!! فإن نسبه، فماذا ذَكَرَ بالله عليكم؟!!

ثم لا تنسى أن من الموافقين لمسلم: ابنَ خزيمة وابنَ حبان والحاكم. وهؤلاء هم المصنّفون في الصحيح. فمن يقصد ابنُ عبد البر إن كان يقصد غير هؤلاء؟!

وعليه فإن كان هناك إجماعٌ ينقله ابن عبد البر فلا بُدَّ أن يكون إجماعًا موافقًا لرأي مسلم وغيره، بل التعبير الصحيح أن يقال: إنه لا إجماع إلا على ما نقل مسلمٌ عليه الإجماع.

والنتيجة: أن كلام ابن عبد البر يستحيل أن يقصد به نقل الإجماع على اشتراط العلم باللقاء.

<<  <   >  >>