كما كان منها ايضًا نحو قولهم:((فلان لا أدري سمع من فلان أو لم يسمع)) (١) .
والمقصود من نحو هذه العبارات بيان أن هناك قرائن تشهد لعدم حصول السماع، مع عدم قيام ما يدفع هذه القرائن، وهو النصّ الصريح الدال على السماع.
وما زال العلماء (قديمًا وحديثًا) يتعاملون مع عبارات نفي العلم بالسماع على هذا المعنى الصحيح، وهي أنها عباراتُ نفيٍ للسماع، وأنها مثل قول العالم ((لم يسمع فلان من فلان)) أو ((فلان عن فلان منقطع)) أو ((مرسل)) ونحوها من العبارات التي فيها جزمٌ بعدم السماع. ولم يتعاملوا معها على أنَّها عباراتٌ تدلُّ على خبرٍ مجرّد بعدم العلم بالسماع، خبرٍ قائمٍ على اشتراط العلم بالسماع. وهذا أمرٌ جليٌّ، لا أظن أنه محلّ نزاع.
فإن كانت ((لا أعرف لفلان سماعًا من فلان)) تُساوي ((لم يسمع فلان من فلان)) ، وأنها تعني ترجيح عدم السماع لقيام القرائن الدالة على عدمه= فبيّنوا لي وَجْهَ الاستدلال بنفي العلم بالسماع على أنه دليل اشتراطِ العلمِ به؟ ! بيّنوا لي ذلك، فإني لا أرى له وجهًا! !
وأرجو أن لا يتجاوز القارىء المدقِّق هذه المسألة حتى يجيب، وإلا فلا داعي لأن يُتِمَّ، لأنه حينها لا يُريد أن يتمَّ القراءة بفهم! !!
وأزيد مقصودي توضيحًا فأقول: إن الاستدلال بعبارات نفي العلم بالسماع على أنّ قائلها يشترط العلم بالسماع إنما يصحّ ويتوجّه إذا ما
(١) انظر امثلةً لهذا التعبير في المراسيل لابن أبي حاتم (رقم ٤٣٣، ٣٧٨، ٤٤٩، ٥٥٨، ٥٥٩، ٨١٣، ٨١٤، ٩٣٩) .