كتاب إجماع المحدثين

المسألة الثانية: نسبة القول باشتراط العلم بالسماع إلى البخاري: تاريخها، ودليلها، ومناقشة الدليل - أن نفي العلم بالسماع هو ترجيح أو قطع بعدم السماع - ص: 50

* وقال البخاري: ((عبد الله بن أبي مُرّة: عن خارجة بن حذافة، روى عنه عبد الله بن راشد. . . ولا يعرف سماع بعضهم من بعض)) (١) .

فعبّر عن ذلك ابن حبان في (الثقات) بقوله: ((عبد الله بن أبي مُرّة: يروي عن خارجة بن حذافة في الوتر: إن كان سمع منه، روى عنه يزيد ابن أبي حبيب. إسنادٌ منقطع، ومتنٌ باطل)) (٢) .

* ولمّا ذكر الترمذي حديث ((لا يجب الوضوء إلا على من نام مضطجعًا)) ، سأل البخاري عنه، فقال البخاري: ((هذا لا شيء. . . (إلى أن قال:) ولا أعرف لأبي خالد الدالاني سماعًا من قتادة)) (٣) .

فلما ذكر أبو داود هذا الحديث للإمام أحمد، أنكره الإمام أحمد بشدّة، ثم قال: ((ما ليزيد الدالاني يُدْخَل في أصحاب قتادة)) (٤) .

فانظر (أخيرًا) ماذا فهم البيهقي من هذين القولين، حيث قال: ((فأمّا هذا الحديث: فإنه أنكره على أبي خالد الدالاني جميعُ الحُفّاظ، وأنكر سماعَه من قتادة: أحمد بن حنبل، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وغيرهما)) (٥) .

وبعد هذا كُلِّه، فإن جميع هذه الأقوال إنما هي غيضٌ من فيض من الأدلّة على أن نفي العلم بالسماع إنما هو نفيٌ للسماع، وليس خبرًا

---

(١) التاريخ الكبير للبخاري (٥/ ١٩٢- ١٩٣) .
(٢) الثقات لابن حبان (٥/ ٤٥) .
(٣) العلل الكبير للترمذي (١/ ١٤٩) .
(٤) السنن لأبي داود (رقم ٢٠٢) .
(٥) معرفة السنن والآثار للبيهقي (١/ ٣٦٤- ٣٦٥ رقم ٩٢٥) .