عين قبلة العراق يقول: هذه السحابة أمطرت فزجرتها لئلا تصوب على محلة أحبتي فيستغنوا بمصابها عن النجعة حتى ألقاهم، فنشأت سحابة أخرى فمطرتا كلتاهما فآيستاني. قال أبو علي الاستراباذي: وهذا غلط من وجوه: أحدها أنه قال: عينه اليمنى فأضافها إلى نفسه، الثاي أنه قال بعد الشيب أو الحلم، على حسب الرواية، ولا تعلق للسحاب بالشيب أو الحلم أو الجهل، والثالث أنه قد تقدم ذكر الدمع والعين فوجب أن يكون ما يليه مشاكلًا، والرابع أن أحدًا لا يزجر السحاب حتى يزجرها هو، وإنما جرت العادة بالاستمطار، وقيل في تفسيره أيضًا: إنما خص اليمين بالبكاء لأن لها ابتداء بالبكاء، وكل شيء من البدن قوته من الشق الأيمن أكثر، والدمع أول ما يخرج من العين اليمنى قال: وهذا أيضًا لا نعرف صحته، وقيل: إنما خص اليمنى بالبكاء ابتداء لأن دار حبيبته كانت عن يمينه، وهو تعسف أيضًا، لأن العين لا تتميز بالعلم فيكون منه الفعل اختيارًا، ولا أعلم أحدًا يبكي بعين دون عين لأنه ممتنع عن الإنسان، وقد حكي أن الذئب ينام بإحدى عينيه ويفتح الأخرى وينظر بها، وهو شائع في العرب حتى قال حميد بن ثور:
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى الأعادي فهو يقظان هاجع
وفي الحيوان ما ينام مفتوح العين وهو الأرنب، وقد يتفق ذلك في الناس فأما البكاء بإحدى العينين دون الأخرى وكلتاهما صحيحة فلا، وقيل: إنه كان أعور اليسرى وهذا أصح الوجوه كأنه بكى بالعين الصحيحة ثم ساعدتها المؤوفة كما قال الآخر:
عذرتك يا عيني الصحيحة بالبكا فما أولع العوراء بالهملان
ويروي أن عمر- رضي الله عنه- قال لمتمم بن نويرة- وكان أعور- ما بلغ بك