الحمد لله حمداً يوازي جميل نعمه، ويضاهي جزيل قسمه، وصلواته على سيدنا خير العجم والعرب، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وعلى آله الطيبين وأصحابه الطاهرين.
ذكر سبب تأليف أبي تمام حبيب بن أوس لكتاب الحماسة:
حكي أن أبا تمام لما قفل من نيسابور متوجهاً نحو العراق، دخل همذان والزمان شات، فحال الثلج بينه وبين الرحيل، فأضافه أبو الوفاء محمد بن عبد العزيز بن سهل وكان أديباً من أولاد الرؤساء وله شعر يرتضيه الشعاء، وهو القائل:
وظللت من ماء الكروم كأنني غصن أمالته الصبا فتأودا
أرمي فعيني الرياض واجتني ... من حليهن لآلئاً وزبرجدا
يفتر مبتسماً كأن وميضه شور أصابته الصبا فتوقدا
حمراء ناصعة وأصفر فاقعا ... ومزعفراً في لونه وموردا
فسره لزوم أبي تمام، وأحضره أبو الوفاء كتبه فاختار أبو تمام منها هذا، والوحشي وشيئاً من انتخاب. ثم شخص أبو تمام وبقيت الكتب عند أبي الوفاء، لا يمكن أحداً منها إلى أن مات، ووقعت الكتب تحت رجل من أهل الدينور يعرف بأبي العواذل، فنسخ هذه الكتب الثلاثة، وحملها إلى أصبهان، فانتشرت النسخ