للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورُبَّما عَلَّقَها بشَرْطٍ قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلى كَثِيْرٍ مِنْ طَلَبِةِ العِلْمِ اليَوْمَ: وهُو مُطَالَبَةُ الطَّالِبِ أنْ يَقْرَأ عَلَيْه الصَّحِيْحَيْنِ، أو السُّنَنَ، أو الكِتَابَ الَّذِي يُرِيْدُ أنْ يُجِيْزَهُ فِيْه، فَهَذَا ممَّا يَتَعَذَّرُ عَلى مَنْ لا يَسْتَطِيْعُ الرِّحْلَةَ، وقَدْ يَتَعَذَّرُ أيْضًا عَلى المُقِيْمِ لضِيْقِ الوَقْتِ أحَايِيْنَ!

فَهَذا لاشَكَّ أنَّهُ إجْحَافٌ وإفْرَاطٌ، ومُفَارَقَةٌ لمنَهْجِ جَماهِيْرِ أهْلِ العِلْمِ والرِّوَايَةِ في شَرْطِ الإجَازَةِ!

وفي الرَّدِّ عَلى مَنْ هَذِه حَالُه ألَّفَ المُسْنِدُ الكَبِيْرُ عَبْدُ الحَيِّ بنُ عَبْدِ الكَبِيْرِ الكِتَّانيُّ (١٣٨٢)، كِتَابًا سَمَّاهُ: «الرَّدْعُ الوَجِيْزُ لمنْ أبَى أنْ يُجِيْزَ».

الطَّرَفُ الثَّاني: مَنَ فَتَحَ بَابَها لِكُلِّ مَنْ هَبَّ ودَبَّ، مِنْ شَقِيٍّ وتَقِيٍّ، وعَالمٍ ومُتَعَالمٍ، لا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُحِقٍّ أو مُبْطِلٍ، ورُبَّما أجَازَ العَامَّةَ، وأصْحَابَ المَعَاصِي الظَّاهِرَةِ!

فَهَذا لاشَكَّ أنَّهُ إتْلافٌ وتَفْرِيْطٌ، ومُخَالَفَةٌ لتَرْسِيْمِ مَنَاهِجِ السَّلَفِ والخَلَفِ مِنْ أهْلِ العِلْمِ والرِّوَايَةِ!

الوَسَطُ: مَنْ تَوَسَّطَ في شَرْطِها، واعْتَدَلَ في بَذْلِها لمَنْ طَلَبَها مِنْ أهْلِها، ونَاشَدَهَا مِنْ شُدَاتِها، مِمَّنْ سِيْمَاهُم العِلْمُ والتَّعَلُّمُ.

فَهُو لا يُجِيْزُ إلاَّ أهْلَهَا مِنْ طُلابَ العِلْمِ، ويَفْرَحُ بِهم، ويُسَرُّ بطَلَبِهِم، كَما أنَّه

<<  <   >  >>