للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مُتحامل لأمر يرجو النجاة فيه فلا جُنَاحَ عليه، وإنْ عَطَبَ فيه.

قال: وبلغني عن ربيعةَ أنه قال: إنْ صبر فهو أكرمُ -إن شاء الله-» .

وقال ابن جزي: «وقد اختُلف في المركب يُلقى عليه النارُ، هل يُلقي الرجلُ نفسَه ليغرق أم لا؟ وأمَّا إنْ قوتل فلا يُغرق نفسَه، بل يقف للقتال حتى يموت» (١) .

وقال الدردير: «وجاز انتقالٌ من سبب موت لآخر؛ كحرقهم سفينة إن استمرَّ فيها هلك، وإن طَرَحَ نفسَه في البحر هلك، ووجب الانتقالُ إن رجا به حياةً، أو طولَها، ولو حصل له معها ما هو أشدُّ من الموت! لأنَّ حفظ النفوس واجبٌ ما أمكن!» (٢) .

وعَلَّقَ الدُّسُوقي على ما سبق، فقال: «فَرضُ المسألة استواءُ الأمرين؛ أي: يعلمُ أنه إنْ مكث (أي: في السفينة المحترقة) مات حالاً، وإنْ رمى نفسَه في البحر مات حالاً، وأمَّا إنْ علم أنه إنْ نزل البحر مكث حياً، ولو درجةً، أو ظنَّ ذلك، أو شَكَّ فيه! وإنْ مكث (أي: في السفينة المحترقة) مات حالاً: وجب عليه النزولُ في البحر!» (٣) .

وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي: «وإذا ألقى الكفارُ ناراً في سفينة فيها مسلمون، فاشتعلت فيها، فما غلب على ظنهم السلامةُ فيه من بقائهم في


(١) «قوانين الأحكام الشرعية» (ص ١٦٥) .
(٢) «الشرح الكبير» (٢/١٨٣-١٨٤) ، وقال محمد عليش في «منح الجليل» (٣/ ١٦٥) : «وجاز لمن يتيقّن الموت، وتعارضت عليه أسبابه انتقال من سبب موت؛ كحرق مركب هو بها، لسبب آخر؛ كطرح نفسه في بحر مع عدم معرفة عَوْمٍ، ووجب الانتقال إن رجا به -ولو شكاً- حياة مستمرة، أو طولها، ولو يحصل له ما هو أشد من الموت المعجَّل؛ لأنَّ حفظ النفس واجب ما أمكن» .
(٣) «حاشية الدسوقي» (٢/١٨٤) .

<<  <   >  >>