للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أخطاء تحيط بهم، والواجب عليهم نقدُها وتغييرها، والعاقل يقيس الأمور بنتائجها.

تلك بعض التفصيلات التي تخص (المصالح) و (المفاسد) التي تكتنف هذه العمليات على حسب محدودية معرفتي في هذا المجال، وعلى كل؛ فإن تفهم قناعات حملة الرأي الآخر بالتفصيل في هذا المحل (١) ، يقود إلى مزيد من الصواب ومزيد من النفع -إن شاء الله تعالى-.

ثالثاً: الكلام على هذه العمليات من حيث الأضرار والمصالح، حاصل مع ما يحيط بالأُمة من شرور وويلات، وإلا فالجهاد في سبيل الله -عز وجل- هو السبيل الشرعي لإعادة المحتلّ من الديار، ولا يجوز أن تنشغل الأمة عما يوصل إليه، فهو باب لا يفتحه الله إلا إلى خاصة أوليائه، حتى يصطفي منهم، ويجتبي إليه من يشاء، فعلى الأمة أن تكون فيها (أئمة دين) ، ولا تنال هذه المرتبة إلا بـ (الصبر) و (اليقين) ، مصداقاً لقول رب العالمين: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: ٢٤] ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بعث مزكياً معلماً، وحددت له هاتان المهمتان قبل خلقه، بدعاء أبيه إبراهيم: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ} [البقرة: ١٢٩] ، فامتنّ الله على هذه الأمة بهذه الاستجابة، ... بقوله: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ (٢)

مُّبِينٍ} ... [الجمعة: ٢] ،


(١) أغفل هذا المحل جميع من خص هذه العمليات بالتأليف، وهو عقدة المسألة، كما نبهنا عليه أكثر من مرة، والله الموفق.
(٢) الضلال؛ هو: مزيجٌ من (الجهل) و (الظلم) ، ولما حُمّل الإنسان الأمانة، وصفه الله بـ {إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} ، فلا يرفع (الظلم) إلا (التزكية) ، ولا (الجهل) إلا (العلم) ، وكان في دعاء إبراهيم -عليه السلام- السابق تقديم (العلم) على (يزكيهم) ، فاستجاب الله له بتقديم (يزكيهم) على (يعلمهم) ؛ ليوظِّف العلم الشرعي في مصلحة الأمة وأفرادها، الذين يقبلون عليه لا لـ (ذاته) ، وإنما لـ (ثماره) ، ولتعميق ما وجدوه في نفوسهم من صلاح وتزكية من خلاله..

<<  <   >  >>