للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البيت فيها؛ لأنه استثنى ركعتي الطواف وهما يفعلان ندبًا في المسجد الحرام خلف المقام؛ فبينه وبين كلامه الأول الذي اختار فيه تعميم المضاعفة في الفرض والنفل ما لا يخفى من التنافي اللهم إلا أن يقال: إن النافلة في أحد المساجد الثلاثة تكون أفضل من ألف مثلها في غير مسجد المدينة مثلًا ويكون فعل هذه النافلة في البيت الذي في تلك البلدة أفضل من فعلها في ذلك المسجد، وهذا فيه نظر أيضًا؛ لأن هذه المضاعفة المخصوصة بهذه المساجد الثلاثة لو لم يختص كل مسجد بما جعله الشارع -صلى اللَّه عليه وسلم- له من المضاعفة لم يبق لذلك المسجد مزية على غيره، فإذا كانت النافلة في البيت تحصل المضاعفة فيها أكثر من ذلك المسجد زالت تلك الخصوصية، وأيضًا يلزم من ذلك استواء المساجد الثلاثة مع ما ليس بمسجد أفضل وفيه ما فيه.

وقال الشيخ محيي الدين أيضًا في "شرح المهذب" (١): قال أصحابنا: إن كانت الصلاة مما يتنفل بعدها فالسنة أن يرجع إلى بيته لفعل النافلة؛ لأن فعلها في البيت أفضل لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ" رواه البخاري (٢) ومسلم (٣) وذكر أحاديث أخر وكلامًا، ثم قال: قال أصحابنا: فإن صلى النافلة في المسجد جاز وإن كان خلاف الأفضل؛ لحديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: صليت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سجدتين قبل الظهر، وسجدتين بعدها، وسجدتين بعد المغرب، وسجدتين بعد العشاء، وسجدتين بعد الجمعة، فأما المغرب والعشاء ففي بيته. رواه البخاري (٤) ومسلم (٥).

قال: فظاهره أن الباقي صلاها في المسجد لبيان الجواز في بعض الأوقات وواظب على الأفضل في معظم الأوقات وهو صلاة النافلة في البيت.


(١) "المجموع" (٣/ ٤٥٤ - ٤٥٦).
(٢) "صحيح البخاري" (٧٣١) من حديث زيد بن ثابت.
(٣) "صحيح مسلم" (٧٨١) من حديث زيد بن ثابت.
(٤) "صحيح البخاري" (١١٧٣).
(٥) "صحيح مسلم" (٧٢٩).

<<  <   >  >>