بالذكر، إما بالوفادة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو باللقاء اليسير، أو في أثناء قصة أو غزوة له ذكر ونحو ذلك، فهذه مرتبة دون التي قبلها.
ورابعها: من روى عنه أحد أئمة التابعين الذين لا يخفى عنهم مدعي الصحبة ممن هو متحقق بها وأثبت له ذلك التابعي الصحبة أو اللقاء، أو جزم بالرواية عنه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غير معترض على ذلك لما يلزم في روايته عنه على هذا الوجه من تصديقه فيما ذكر من الصحبة والرواية سواء سماه في روايته عنه أو لم يسمه بل قاله: رجل، إذا كان التابعي كما وصفنا بحيث لا يخفى عنه ذلك، ولا فرق بين الحالتين والتابعي كذلك؛ إذ لا تضر الجهالة بعين الصحابي بعد ثبوت صحبته.
وخامسها: أن يقول من عرف بالعدالة والأمانة: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو رأيته يفعل كذا، ونحو ذلك، ويكون سنه يحتمل ذلك، والسند إليه صحيح؛ فهذا مقبول القول على الراجح، وفيه ما تقدم من الاحتمال، ونظيره أن يروي أحد متقدمي التابعين عن رجل لم يسمه شيئًا يقتضى له صحبة؛ فإن القرائن هنا قائمة بصدقه:
منها: ندرة كذب مثل ذلك في ذلك العصر الأول.
ومنها: أن الظاهر من التابعي الكبير أنه لا يروي إلا عن صحابي؛ فإن انضم إلى ذلك وصفه بصفة خاصة كرجل من أهل بدر أو من أهل بيعة الرضوان فهو أعلى من هذه المرتبة لما تقدم أن مثل هؤلاء كان مشهورا، فإذا وصفه التابعي الثقة بذلك كان كالتصريح باسمه وهو معروف، فتكون هذه الحالة حينئذ من المرتبة الرابعة.
وسادسها: أن يصح السند إلى رجل مستور لم تتحقق عدالته الباطنة ولا ظهر فيها ما يقتضي جرحه فيروي حديثًا يتضمن أنه صحابي إما بسماعه ذلك أو بمشاهدته شيئًا من أفعاله -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحو ذلك، أو برواية مجردة إذا اكتفينا بها في إثبات الصحبة، فهذا يتخرج على قبول رواية المستور فمن قبله كان ذلك هنا بطريق الأولى لقرينة صدق مثل هذا وأنه لم يوجد في ذلك القرن من يدعي ذلك كذبًا إلا نادرًا جدًّا، ولعله لا يصح السند إليه، ومن لم يقبل رواية المستور في التابعين فمن بعدهم قد يقبل مثل هذا، وهو الذي عليه عمل ابن منده وابن عبد البر وغيرهما ممن صنف في الصحابة لعدهم هذا الصنف فيهم من غير توقف فيهم، ومن العلماء من توقف