للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإخوة من العداوة بخلاف الصحبة.

وأما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "للعامل منهم أجر خمسين رجلًا منكم" فلا حجة فيه؛ لأنه لا يلزم من ثبوت زيادة الأجر في بعض الأعمال ثبوت الفضيلة المطلقة، وأيضًا فالأجر إنما يكون تفاضله بالنسبة إلى ما يماثله في ذلك العمل الذي ترتب الأجر عليه لا في غيره من الأعمال، فيكون عمل المؤمن في آخر الزمان من قيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك أرجح مما يترتب على مثل ذلك العمل من الصدر الأول.

وأما الذي فاز به الصحابة -رضي اللَّه عنهم- من صحبة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والجهاد بين يديه ونقل السنن عنه فإنه لا يتفق مثله لأحد ممن بعدهم قطعًا فلا يقع التفاضل فيه فيبقى لهم من غير مشاركة لهم في مثله وبه استقرت الفضيلة لهم على من بعدهم فهذا أسد ما يجاب عن هذا الحديث به.

وحديث أبي جمعة لم تتفق الروايات فيه على لفظ: "هل أحد خير منا" بل قد تقدم رواية معاوية بن صالح له: "هل من قومٍ أعظم منا أجرًا" ومعاوية بن صالح أحفظ من أسيد بن عبد الرحمن فروايته أرجح، ويتأول الحديث على ما ذكرناه آنفا بالنسبة إلى بعض الأعمال التي يمكن وقوعها من الطائفتين دون ما اختص به الصدر الأول من الصحبة.

وأما حديث: "أمتي كالمطر" فحماد بن يحيى الأبح وإن وثقه ابن معين فقد قال فيه أبو زرعة: ليس بالقوي (١).

وذكره البخاري في باب الضعفاء وقال: يهم في الشيء بعد الشيء (٢).

وقال الجوزجاني: روى عن الزهري حديثًا معضلًا.

وقال ابن عدي (٣): بعض حديثه لا يتابع عليه، وذكر من جملة حديثه حديث


(١) "الجرح والتعديل" (٣/ ١٥١).
(٢) "التاريخ الكبير" (٣/ ٢٤).
(٣) "الكامل" (٢/ ٢٤٧ رقم ٤٢١).

<<  <   >  >>