تكلم فيهم على القادحين فكان ذلك سببًا لحط مرتبتهم ومقتضيًا لجرحهم وفسقهم، وللَّه الحمد والمنة.
فهذه الأوجه الخمسة كل منها مقتضيى للقطع بعدالة الصحابة -رضي اللَّه عنهم- والأخير مختص بمن أكثر صحبته -صلى اللَّه عليه وسلم- وأقام معه مدة وهاجر معه أو إليه بخلاف الوجه الثاني؛ فإن من أحاديثه ما هو عام لكل من رآه ولو لحظة جيث يعد من الصحابة، بل ربما يقال بأنه شامل لكل من كان في عصره من المسلمين وإن لم تثبت له صحبة ولا رؤية، ولكن خرج هؤلاء بالإجماع على أنه لابد من معرفة عدالتهم بطريقها كمن بعدهم فتبقى فيمن تثبت له الصحبة أو الرؤية على عمومه، وباللَّه التوفيق.
وأما المخالفون في هذا المقام فقد تعلقوا بقصص كثيرة مما طعن فيه بعض الصحابة على بعض ونقل منها بعض المصنفين قطعة كبيرة وهي منقسمة إلى:
ما لايصح عنهم أصلًا.
وإلى ما قد صح وله محامل صحيحة وتأويلات سائغة:
كقول عائشة في زيد بن أرقم -رضي اللَّه عنهما-: أبلغوا زيدًا أنه قد أحبط جهاده مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا أن يتوب.
وقول عبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه- وقد قيل له: إن أبا محمد يزعم أن الوتر واجب، فقال: كذب أبو محمد. . . الحديث، وأبو محمد هذا من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-.
ونحو ذلك.
فالأمر فيه بين والخطب هين؛ لسهولة تأويلها وأنها لا تعارض نصوص الكتاب والسنة المشهورة.
وأما الذي أولع به أكثر أهل البدع وهو الفتن والحروب التي كانت بينهم فقطعوا على كل من قاتل عليًا -رضي اللَّه عنه- من أهل الجمل وصفين بالفسق، واستثنى بعضهم من ذلك عائشة وطلحة والزبير -رضي اللَّه عنهم- قال: لأنهم تابوا من ذلك دون معاوية ومن كان معه، ولهم في ذلك أقوال كثيرة تقدم بعضها ويقشعر القلب من سماعها، ثم يعضدون ذلك بما ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من تحريم الدماء وذكر ما يترتب على سفكها.
ولأهل السنة عن ذلك أجوبة كثيرة مجملة ومفصلة، وحاصل الإجمالية يرجع إلى وجهين: