للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أروي في هذا الكتاب وأحتج بمشايخ قد قدح فيهم بعض أئمتنا مثل سماك بن حرب وداود بن أبي هند ومحمد بن إسحاق بن يسار وحماد بن سلمة وأبي بكر بن عياش وأضرابهم ممن تنكب عن روايتهم بعض أئمتنا واحتج بهم البعض، فمن صح عندي بالبراهين الواضحة وصحة الاعتبار على سبيل الدين أنه ثقة احتججت به ولم أعرج على قول من قدح فيه. . . ثم ذكر كلامًا آخر في هذا المعنى مبسوطًا (١).

فإن قيل: هذا يؤدي إلى تعطيل الجرح وسدِّ باب قبوله من الأئمة المتقدمين فإنهم قل أن يتعرضوا في جرح أحد لبيان السبب بل يقتصرون على قولهم فلان ضعيف وفلان ليس بثقة، ونحو هذا من الكلام.

قلت: قد أجاب الشيخ تقي الدين أبو عمر ابن الصلاح رحمه اللَّه عن هذا الاعتراض بأن قال:

إن ذلك وإن لم نعتمده في إثبات الجرح والحكم به، فقد اعتمدناه في أن توقفنا عن قبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك، بناء على أن مثل هذا أوقع عندنا فيهم ريبة قوية يوجب مثلها التوقف، ثم من انزاحت عنه الريبة منهم ببحث عن حاله أوجب الثقة بعدالته؛ قبلنا حديثه ولم نتوقف كالذين احتج بهم صاحبا الصحيحين وغيرهما ممن مسهم مثل هذا الجرح من غيرهم فافهم ذلك فإنه ملخص حسن (٢).

وقال العلامة أبو الفتح القشيري رحمه اللَّه وهو أحد المتأخرين من سلاطين العلماء ومحققيهم: ولمعرفة كون الراوي ثقة. . . (٣) منها إيراد أصحاب التواريخ ألفاظ المزكين في الكتب الذين صنفت على أسماء الرجال ككتاب تاريخ البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما، ومنها تخريج الشيخين أو أحدهما في الصحيح الراوي محتجين به، وهذه درجة عالية لما فيها زيادة على الأول وهو إطباق جمهور الأمة أو كلهم على تسمية الكتابين بالصحيح والرجوع إلى حكم الشيخين بالصحة فهو بمثابة إطباق


(١) "صحيح ابن حبان" (١/ ١٥٢ - ١٥٣).
(٢) "مقدمة ابن الصلاح" (ص ٦١).
(٣) كلمة غير واضحة في المخطوط.

<<  <   >  >>