الأمة أو أكثرهم على تعديل من ذكرنا، وقد وجد في هؤلاء الرجال المخرج عنهم في "الصحيحين" من تكلم فيه بعضهم، وكان شيخ شيوخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل المخرج عنه في الصحيح: هذا جاز القنطرة. يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه وهكذا يعتقدونه بقول ولا بجرح عنه إلا ببيان شافٍ وبحجة ظاهرة تزيد على غلبة الظن على المعنى الذي قدمناه من اتفاق الناس بعد الشيخين على تسمية كتابيهما بالصحيحين، ومن لوازم ذلك تعديل رواتهما، نعم يمكن أن يكون للترجيح مدخل عند تعارض الروايات فيكون من لم يتكلم فيه أصلًا راجحًا على من تكلم فيه، فإن كانا جميعًا من رجال "الصحيحين" وهذا عند وقوع التعارض. هذا آخر كلامه.
فقد تقرر بهذه الجملة أن احتجاج صاحبي "الصحيحين" أو أحدهما بالشيخ يكون مقدمًا على قول من خرجه إذا لم يكن مفسرًا فكيف وقد وثقه جماعة آخرون مع أن الجرح المذكور فيه ليس بغليظ العبارة كقولهم: متروك وكذاب أو نحوها، فإنه يظهر من حال من تكلم فيه أن ذلك لسوء حفظه كما صرح به الحافظ أبو عيسى الترمذي وكما نبه عليه أبو حاتم بن حبان في كتاب "الثقات".
فإن قيل: فلم احتج به مسلم رحمه اللَّه مع أنه كان يخطئ؟
قلنا: لم يكن خطؤه متفاحشًا بحيث أنه أتى بحديث منكر أو وصل مرسلًا أو رفع موقوفًا كحال غيره ممن كان رديء الحفظ نحو عطاء بن السائب وليث بن أبي سليم وغيرهما، ثم إن مسلمًا رحمه اللَّه إنما احتج بسعد بن سعيد في حديث ظهر عنده أنه لم يخطئ فيه لوجود متابع له على روايته، وقد ذكرنا متابعة صفوان بن سليم ويحيى بن سعيد له على هذه الرواية وهكذا حكم سائر الأحاديث التي خرجها صاحبي "الصحيحين" وفي إسنادهما من تكلم فيه من جهة حفظه لم يخرجها إلا وقد وجد لها متابعًا ومن تتبع هذا وجده.
ثم نقول: إن إخراج صاحبي الصحيح أو أحدهما الحديث واحتجاجهما به أقوى أن لا يكون أخرجاه بل احتجا برجاله في حديث آخر؛ وذلك لاحتمالات في سماع رواية بعضهم من بعض في ذلك الحديث الذي لم يخرجاه وهي مندفعة فيما أخرجاه، فتصحيح الحديث أقوى من تصحيح السند لهذا المعنى، فقول من قال في