للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ح) وأنا أبو الربيع بن قدامة الحنبلي وأبو نصر بن مميل وأبو محمد بن أبي غالب الدمشقيان قالوا: أنبانا محمد بن عبد الواحد المديني، أنا محمد بن أحمد الباغبان، أنا إبراهيم بن محمد الطيان، أنا إبراهيم بن عبد اللَّه التاجر، ثنا الإمام أبو بكر عبد اللَّه ابن زياد النيسابوري قال: ثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "نَحْنُ أَحَقُّ بالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠].

قال: "وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ" لفظهم واحد.

هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري (١) عن أحمد بن صالح، ومسلم (٢) عن حرملة بن يحيى، كلاهما عن ابن وهب فوقع بدلًا لهما عاليًا.

ورواه ابن ماجه (٣) عن يونس بن عبد الأعلى به فوافقناه بعلو.

قال الإمام أبو إبراهيم المزني وجماعة من العلماء: هذا الحديث يدل على نفي الشك في إحياء الموتى عن إبراهيم واستحالته في حقه، ومعناه أنه لو كان الشك في إحياء الموتى متطرفًا إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لكنت أنا أحق به من إبراهيم وقد علمتم أني لم أشك فاعلموا أن إبراهيم -عليه السلام- لم يشك، ويكون قال -صلى اللَّه عليه وسلم- هذا إما على وجه الأدب كما تقدم في حديث: "يَا خَيْرَ الْبَريَّةِ" أو أراد أمته الذين يجوز عليهم الشك، وذكر في الحديث وجهان آخران:

أَحَدُهُمَا: أنه خرج مخرج العادة في الخطاب من غير تصور شك من أحد منهما كما يقول من يريد المدافعة عن إنسان لم يقصده: ما كنت قائلًا لفلان أو فاعلًا معه من مكروه فقله لي أو افعله معي، ومقصوده أن لا يقع شيء له ولا لذاك.


(١) "صحيح البخاري" (٣٣٧٢).
(٢) "صحيح مسلم" (١٥١).
(٣) "سنن ابن ماجه" (٤٠٢٦).

<<  <   >  >>