للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بقيت ووقيت صرف الردى ... فإنك في كل أمر مداري

ومما يستحسن فيه وتستغرب معانيه قول صاحب الشرطة أبي بكر بن القوطية [وهو] : [البسيط]

زمرد أورقت أغصانه دررا ... فراح كالراحة البيضاء منفطرا

يقل ياقوتة صفراء فاقعة ... كأنها التبر من فوق اللجين جرى

هو النهار ولكن رد نقطته ... مكيدة تحته النوار إذ وغرا

ثمت دعاه بهارا كي يهجنه ... وقد حوى قصبات السبق إذ بهرا

كمقلة دب في أجفانها وسن ... فرنقت غير أن لم تدر طعم كرى

وأهدى صاحب الشرطة أبو بكر المذكور مطيب بهار إلى الوزير أبي عامر بن مسلمة وكتب معه أبياتا رائقة السمات، فائقة الصفات، وهي: [الخفيف]

قل لريحانة العلا والمكارم ... والكريم النجار وابن الأكارم

قد بعثنا إليك يا خير ناش ... بالدنانير فوق محض الدراهم

لم يسس طبع هذه جعفر قط ... ط ولا ضرب تلك راحة قاسم

ببهار يحكي جمالك حسنا ... وحكى عرفك الذكي لناسم

يتشكى الظما وفي يدك الري ... ي فإن لم تروه كنت ظالم

دمت للمهرجان والعيد والني ... روز إلفا من الحوادث سالم

فجاوبه الوزير أبو عامر بن مسلمة بديهة بأبيات تشاكلها براعة، وتشابهها بزاعة وهي: [البسيط]

في النرجس الغض شبه لا خفاء به ... للنيرين يرىفي طالع الزهر

فصفرة الشمس قد ردته صفرتها ... وقد مبيضه من صفحة القمر

كأن ياقوتة صفراء قد طبعت ... في غصنه حوله ست من الدرر

حسن يدل على إتقان صانعه ... سبحانه مبدع الأخلاق والصور

وله [أيضا] فيه قطعة بمدح ذي الوزارتين القاضي_أطال الله عمره، [كما أطاب ذكره]_وهي: [الطويل]

أرى في البهار النرجسي تلألؤا ... عيون الورى مشغوفة بالتماحه

كأن الرياض الخضر صغن لباسه ... بشكلين من ماء الغمام وراحه

أو الدهر رداه سرورا بشخصه ... رداءين من إسفاره وصباحه

فحلته في لونها ذهبية ... وفضية أثناء عقد وشاحه

جمال به حل الربيع قراره ... ومنه كسا لاشك نور أقاحه

كما قد تحلى الدهر من بعد عطلة ... بجود ابن عباد وفضل سماحه

به نيلت الآمال في كل بغية ... وبوشر برد الأمن تحت جناحه

ومن البديع المختار فيه ما أنشدني [لنفسه] أبو جعفر بن الأبار وهو: [البسيط]

أما ترى الروض راضاه الحيا فبدا ... للنرجس الغض فيه لحظ مبهوت

مثل العيون رنت، أشفارها درر ... لكن أناسيها صفر اليواقيت

الأناسي: جمع إنسان وهو ناظر العين وحدقتها.

[البنفسج]

وأنشدني فيه [لنفسه] أبو إدريس بن اليمان بيتين سابقين. وقال أبو قاسم بن هانئ الأندلسي: [البسيط]

بنفسج جمعت أنواره فحكت ... كحلا تشرب دمعا يوم تشتيت

أولا زور دية أربت بزرقتها ... وسط الرياض على زرق الياقيت

كأن قضبانه والريح تحملها ... أوائل النار في أطراف كبريت

وللوزير الكاتب أبي الأصبغ بن عبد العزيز فيه قطعة أغيت في الجمال فأعيت أهل الكمال، موصولة بمدح الحاجب_حجبه الله عن النوائب_وهي: [الكامل]

وبنفسج أربى علىالنوار ... وأفادنا عطرا بلا عطار

فكأن أعلاه في فيروزج ... وبساطه في خضرة الأشجار

وافاك في وقت الزيارة قائما ... وقد انحنى للوحي بالأسرار

هو مسكة خلقت لها أوراقها ... في لونها من صنعة الجبار

أو رقعة زرقاء من كبد السما ... في يوم صحو فتنة النظار

أو لمة الحسناء تحسب وسطها ... للزعفران مواضع الآثار

أو لجة كحلاء هزتها الصبا ... فتكسرت لينا على مقدار

أو درع حاجبنا أتته صقلية ... وقد انبرى للفتك بالكفار

ملك قلوب الأسد بين ضلوعه ... وبوجهه قمر من الأقمار

فإذا سطا فالصبح داج مظلم ... وإذا عفا فالليل في إسفار

ومن المعاني الجزلة في الكلمات العذبة ما أنشدني لنفسه فيه أبو عامر بن مسلمة، وكتب به إلى ذي الوزارتين أبي أيوب بن عباد_أبقاه الله_في زمن البنفسج، وهو: [المجتث]

يا من تحلى به الفخ ... ر والسناء يتوج

ومن بجود يديه ... باب الغنى غير مرتج

<<  <   >  >>