النحو موضوع لذلك، لم يقصد المؤلف فيه إلى تمثيل حكم ولا لتعليله ولا لدليله السمعي، فذكره لتعليل ذلك ليس بمناسب.
وأما طلب العلة لاختصاص كل واحد منهما بما اختص به، فهو شيء قد بحث فيه النحويون، وطولوا في ذلك بما لا فائدة في ذكره، والصواب في ذلك ما حرره بعض أصحابنا، وهو أن التعرض لامتناع الجر من المضارع المعرب، وامتناع الجزم من الأسماء المعربة على الإطلاق تعرض للسؤال عن مبادئ اللغات، والسؤال عن مبادئ اللغات لا سبيل إليه، لأنه يؤدي إلى التسلسل، إلا ترى أن السؤال إذا وضع عن انفراد الأسماء بالخفض والأفعال بالجزم مطلقاً لم يخل أن تريد: لأي شيء لم تجزم الأسماء بجوازم الأفعال أو بعامل من عواملها يعلمه بدل عمله أو مع عمله؟ وكذلك لأي شيء لم تخفض الأفعال بخواض الأسماء أو بعامل من عواملها يعمله بدل عمله أو مع عمله؟ وكيفما فرض السؤال فإنه يلزم مثل ذلك في الرفع والنصب فيقال: لأي شيء لم ترفع الأفعال بروافع الأسماء أو بعامل من عواملها التي لا تعمل الرفع بدل عمله أو يعمله مع عمله؟ ولأي شيء لم تنصب بنواصب الأسماء أو بعامل من عواملها التي لا تعمل النصب بدل عمله أو مع عمله، حتى يعمل الرافع للأفعال بدل رفعه نصباً، أو يعمل مع رفعه نصباً ومثل ذلك السؤال يلزم أيضا في روافع الأسماء ونواصبها،