أصلُ «حَبَّ» من «حَبَّذا»: حَبُبَ، أي: صار حبيبًا، فأُدغِم كغيره، وأُلزِم مَنعِ التصرف وإيلاءَ «ذا» فاعلاً في إفرادٍ وتذكير وغيرهما. وليس هذا التركيب مُزيلاً فعليَّة حَبَّ، فيكون مع «ذا» مبتدأً، خلافًا للمبرد وابن السراج ومن وافقهما، ولا اسميةَ «ذا» فيكون مع حَبَّ فعلاً فاعلُه المخصوص، خلافًا لقوم.
وتدخل عليها «لا»، فتحصل موافقهُ «بِئسَ» معنًى.]-
ش: حَبَّذا ولا حَبَّذا من الصيغ التي وُضعت للمدح والذم عمومًا كِنعمَ وبئسَ، والعامّ ما أُجملت فيه الصفات المحمودة أو المذمومة بحيث لا يخصُّ اللفظ واحدًا منها إبلاغًا في ذلك؛ لأنَّ التخصيص يتطرق إليه احتمال أنَّ له الوصف الآخر.
قيل: والفرق بينهما وبين نِغمَ وبئسَ أنَّ حَبَّذا تُشعر مع دلالتها على المدح بأنَّ الممدوح محبوب وقريب من النفس، ولا حَبَّذا بالعكس، ولا تُشعر بذلك نِعمَ وبئسَ.
وقيل: ليستا للمدح والذم بالوضع، وإنما وَضعُها للمبالغة في تمكُّن الحب، فتكون أبلغ من أَحَبَّ، لكن الحبَّ قريب من المدح؛ لأنَّ المحبوب ممدوح في الأكثر.
وقوله أصلُ حَبَّ من حَبَّذا حَبُبَ أي: صار حبيبًا يدلُّ على ذلك كونه لا يتعدى، ولأنَّ ما بُني للمدح من هذا النوع يكون على فَعُلَ أصلاً أو تحويلاً، ولأنه إذا لم يُستعمل مع «ذا» جاز نقل حركة العين إلى الفاء، وروي بالوجهين: