للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناسًا من العرب يغلطون، فيقولون: إنك وزيدٌ ذاهبان". جعل هذا غلطًا لأن من مذهبه أن خبر (إن) مرتفع بها، فإذا قلت (وزيدٌ) بالرفع فقد أعملت الابتداء في الخبر، ولا يعمل في اسم عاملان. والكوفيون لا يُغلطون العرب في مثل هذا، بل هو شاهد لهم، والمعنى: أنت وزيدٌ منطلقان.

قال السهيلي: "ومما يدل على صحة قولهم أنه لو كان مرفوعًا بها لجازي أن يليها كما يلي كل عامل ما عمل فيه، وإنما الممتنع ما عمل فيه غيره.

ومن حجتهم أن هذه الحروف أضعف من (كان) و (ظننت)؛ لأن تلك أفعال، فرفعت ونصبت كما تعمل الأفعال، وهذه حروف، والحروف إنما تعمل في اسمٍ واحد أو في فعلٍ خاصة، إلا أن حروف الشرط في عملها في الجواب نظر واختلاف" انتهى.

وقال أبو إسحاق الزجاج: إنما لم يل (إن) إلا المنصوب لأنهم قد فرقوا بين ما كان موضوعًا موضع الفعل مؤديًا عن معناه وبين ما ضُورع به الفعل من غير أن يكون في موضع الفعل؛ فالذي جُعل في موضع الفعل قولك: ما زيدٌ منطلقًا، فهذا في موضع: ليس زيدٌ منطلقًا، وهو مؤدً عن معناه. والذي ضورع به الفعل وليس موضوعًا موضعه: إن زيدًا منطلقٌ.

وقال علي بن سليمان: جُعل في الحروف ما في الفعل من العمل إلا موضعًا واحدًا ليكون للفعل فضيلة، فقيل: ما زيدٌ منطلقًا، كما قيل: ضرب زيدٌ عمرًا، وقيل: إن زيدًا منطلقٌ، كما قيل: ضرب زيدًا عمرٌ والذي فضل به الفعل لتصرفه: زيدًا ضرب عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>