كأنني حين أمسي لا تُكلمني متيمٌ يشتهي ما ليس موجودًا
المعنى عندهم: لأن الأرض ليس بها هشام، وإنني حين أمسي لا تُكلمني؛ إذ محال أن يقول الإنسان: كأن الأرض ليس بها هشام، على جهة التشبيه، وهشام ليس بالأرض. وفي بيت عمر لا يصح التشبيه؛ ألا ترى أن يشتهي كلامها، وهي لا تكلمه، وإذا/ كان كذلك فهو مُشتهٍ.
والصحيح أنها في البيتين للتشبيه: أما الأول فلأنه أراد أن بطن مكة قد كان ينبغي له ألا يقشعر لدفن هشام في أرضه وتضمنه أشلاءه، وهو قائم مقام الغيث، فكما أنه لا يُقشعر مع وجود الغيث فكذلك كان ينبغي ألا يقشعر لتضمنه أشلاء هشام، فلما اقشعر صارت أرضه كأنها ليس بها هشام.
وأما البيت الثاني فيرجع إلى التشبيه من جهة أنه يئس من أن تُكلمه مع اشتهائه كلامها وإن كانت موجودة، كما يوئس من الوصول إلى ما هو معدوم، فصار لذلك كأنه اشتهى ما لا وجود له أصلًا.