قولك: كأني بك راحل، إنما هو للكاف التي هي ضمير ولياء المتكلم، فلا يُجعلان لغوًا زائدًا، ويُجعل الإسناد للشتاء وللكاف في: بك راحلٌ، ومثل هذا لم يُعهد في لسان العرب.
ولابن عصفور تخريج مُلفق من قول أبي علي، وهو أنه قال:"الصحيح عندي أن (كأن) للتشبيه، وكأنك أردت أن تقول: كأن الفرج آتٍ، وكأن الشتاء مُقبلٌ، إلا أنك أردت أن تدخل الكاف، وألغيت (كأن) لزوال اختصاصها بالجملة الاسمية لما لحقها اسم الخطاب، كما ألغيت لما لحقتها (ما) في نحو (كأنما) لزوال الاختصاص، وكذلك تُلغى إذا لحقها ضمير المتكلم، نحو: كأني بك تفعل كذا؛ ألا ترى أنها إذ ذاك تدخل على الجملة الفعلية التي هي: تفعل كذا. والباء في (بالشتاء مقبلٌ) زائدة، وكأنه قال: كأنك الشتاء/ مقبلٌ، أرادا أن يقول: كأن الشتاء مقبلٌ، فألحق الكاف للخطاب، وألغى (كأن)، وزاد الباء في المبتدأ، كما زيدت في: بحسبك زيدٌ" انتهى.
وهذا تخريج عجيب، فيه دعوى إلغاء (كأن) للحاق كاف الخطاب، وفي دعوى لحاق كاف الخطاب لها، وفي دعوى زيادة الباء، وفي دعوى أنها تليها الجملة الاسمية والفعلية لزوال الاختصاص، والعجب دعواه إلغاءها، وقد اتصل بها ضمير المتكلم في نحو: كأني بك تفعل كذا، وهب أنه يدعي في كاف (كأنك) أنها حرف للخطاب، أتراه يدعي في ياء المتكلم في (كأني) أنه حرف للمتكلم، وأنه لا عمل لـ (كأن) فيها؟ وعلى قوله يكون قوله (بك) من قوله "كأني بك تفعل كذا" متعلقًا بـ (تفعل)، وذلك لا يجوز لما تقرر من امتناع: تمر بك وتتفكر فيك. وأما إذا