للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فإن قيل: إن (بالدنيا) لا يتم به الكلام، والحال فضلة.

فالجواب: إن من الفضلات ما لا يتم الكلام إلا به، كقوله تعالى {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} فـ {مُعْرِضِينَ} حال من الضمير المخفوض، ولا يستغني الكلام عنها؛ لأن الاستفهام في المعنى إنما هو عنها. ومما يبين ذلك قولهم: ما زلت بزيدٍ حتى فعل، لا يتم الكلام بقولك: بزيد. ويدل على صحة الحال قولك: كأنك بالشمس وقد طلعت، ونحوه ما حُكي عن بعضهم: كأنا بالدنيا لم نكن.

وعلى هذا يُحمل قول الحريري:

كأني بك تنحط ..................................

وخرجه المطرزي في (شرح المقامات): كأنين أُبصر بك، وترك الفعل لدلالة الحال. وما ذكرته أولى لأنه إضمار فعل وزيادة حرف جر لا يُحتاج إليه" انتهى كلامه، وهو تخريج حسن.

وقد تدخل (كأن) في التنبيه والإنكار والتعجب، تقول: فعلت كذا وكذا كأني لا أعلم، وفعلتم كذا كأن الله لا يعلم/ ما تفعلون، ومنه قوله تعالى {لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}، (وي) في قول الخليل كلمة مفصولة، و (كأن) هي هذه، و (وي) كلمة تنبيه وتندم على أمر سبق، ووقع التشبيه بعده على أحد معنيين:

أحدهما: تأويل الخليل أنهم أوقعوا التشبيه على ما في علمهم وعرفهم، أو أُوقع لهم ذلك، فقيل: وقولوا: كأن الله يبسط الزرق، أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>