لأن المفهوم من المسند إليه يكون غير المفهوم من المسند، فإن كان مختصًا بنوع ما من الاختصاص، كتحديد العدد، والاختصاص بالوصف أو الإضافة، أو كونه اسم نوع - جاز ذلك لتغاير المسند والمسند إليه. ومثال الملفوظ به: سير سير شديد. ومثال المدلول عليه بغير العامل - وهو أن يكون المصدر غير ملفوظ به، لكنه دل عليه بغير الفعل - قولك: بل سير، لمن قال: ما سير سير شديد، فالضمير المستكن في سير هو مدلول عليه بغير سير، بل دل عليه بقول القائل: ما سير سير شديد، فلو كان مدلولًا بالعامل كقولك: جلس، أو ضرب، وأنت تريد: هو، أي: جلوس، وضرب - لم يجز. وفي كلام الزجاجي إشعار بجواز ذلك؛ لأنه قال: وقد أجازه بعضهم على إضمار المصدر المؤكد، وهو مذهب س، قال ابن خروف:"لا يجيز أحد من النحويين رد الفعل لما لم يسم فاعله على إضمار المصدر المؤكد، لا يجيز أحد: قعد، وضحك من غير شيء يكون بعد هذا الفعل. ثم ادعاؤه أنه مذهب س فاسد؛ لأن س لا يجيز إضمار المصدر المؤكد في هذا الباب، والذي أجازه س لا يمنعه بشر، وهو إضمار المصدر المعهود، مثل أن يقال لمتوقع القعود: قد قعد، ولمتوقع السفر: قد سوفر، أي: قعد القعود، وسوفر الذي ينتظر وقوعه، والفعل لا يدل على هذا النوع من المصادر، والدال عليه أمر آخر" انتهى.