فأما قول الجرمي في (الفرخ): "بعض العرب يقول: كسي ثوب زيدًا، وأعطى درهم عمرًا"- فينبغي أن يحمل على ظاهره، ويكون ذلك حجة في إقامة الثاني نكرة مع وجود المعرفة، ويحتمل أن ينسبه إلى العرب لأنه اقتباسه، فجعله من كلام العرب لذلك.
وعلى ما حكي أبو ذر أن مذهب الفارسي إذا كان الثاني نكره لا يجوز أن يقام مع وجود المعرفة لا يصح قول المصنف: لا خلاف.
وحكي بعض أصحابنا عن الكوفيين أنه إذا كان الثاني نكرة قبح إقامته مقام الفاعل، نحو: أعطى ردهم زيدًا، وإن كان معرفة كالأول كانا في الحسن سواء، فأن شئت أقمت الأول، وإن شئت أقمت الثاني، وذلك إذا لم يلبس. والبصريون إقامة الأول عندهم أحسن.
وأما باب الظن فاختلفوا في جواز إقامة الثاني: فذهب قوم إلى أنه لا تجوز لأن المفعولين إن كانا معرفتين أو نكرتين ألبس، وإن كان الثاني نكرة والأول معرفة فأكثر ما يكون مشتقًا، فيلزم تقديم المضمر على الظاهر، فعلى هذا لا يقوم إلا الأول/، وهو المبتدأ، لأنه أشبه بالفاعل، وإن مرتبته قبل الثاني، لأن مرتبة المبتدأ قبل الخبر، ومرتبة المرفوع قبل المنصوب، ففعل ذلك للمناسبة، وهذا اختيار الجزولي وابن هشام الخضراوي.