وزعم الاستاذ أبو الحسن بن عصفور أنه يجوز أن يحذف معمولًا ها، وتبني لما لم يسم فاعله، ويقام ظرف أو مجرور، قال:"وإنما ذكر س مكون خاصة، ولم يقل مكون فيه؛ لأنه أراد أن يبين كيف بناء المفعول منه، فإذا أردت التكلم به لم يكن بد من أن تأتي بالظرف أو المجرور، ولم تقم الظرف أو المجرور إلا بعد أن جعلته معمولًا لها. والدليل على أنها يكون الظرف أو المجرور معمولًا لها قوله تعالى (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا)، فـ (لِلنَّاسِ) متعلق بـ (كَان)، ولا جائز أن يتعلق بـ (عَجَبًا) ولا بـ (عَجَبًا) مصدر، و (أَنْ أَوْحَيْنَا) مقدر به، ولا تتقدم صلتها عليهما" انتهى.
وما ذهب إليه قد ورده ابن السراج وغيره، وزعموا أنها لا تعمل في ظرف، ولا يتعلق بها جار ومجرور. وتؤولت الآية على أن (عَجَبًا) - وإن كان مصدرًا- فإنه بمعنى أسم الفاعل، فهو بمعنى معجب، فيتعلق (لِلنَّاسِ) به وإن تقدم عليه؛ لأنه لا محذور في ذلك. وعلى تقدير بقائه على المصدرية فإنه يتسع في الظروف والمجرورات ما لا يتسع في غيرها، فيجوز تقديمها عليه.
وأما الكوفيون فقالوا: يجوز بناؤها للمفعول، فإذا قلت كان زيد يقوم فالكسائي يقول: كان يقام، يجعل في كان مجهولًا، ويرد الفعل إلى يفعل ويجعل فيه مجهولًا آخر.