بل من أورد هذا في الإعمال فلأنه شبيه به بكون العاملين اجتمعا وإن اختف مقتضى كل واحد منهما؛ لأن مطلوب كفاني قليل، ومقتضى ولم أطلب الملك. وإذا تقرر هذا فليس ما ذكره المصنف من باب الإعمال، فإجازة مثل أحسن به وأعقل بزيدٍ ونحوه لا تجوز، وكذلك: ما احسن وأعقل زيداً، فإن ورد سماع بذلك من العرب جاز، ويكون هذا الفصل كلا فصل لامتزاج الجملتين بحرف العطف واتحاد ما يقتضي العاملان، فهذا يكن وجهه إن سمع.
قال المصنف:((ويجوز على أصل مذهب الفراء: أحسن وأعقل بزيد، فتكون الباء متعلقة بأحسن وأعقل معاً، كما يكون عنده فاعل قام وقعد زيد مرفوعاً بالفعلين معاً)) انتهى.
وليس ما ذكر على أصل مذهب الفراء؛ لأن مذهب الفراء أن بزيد في قولك أحسن بزيد هو في موضع نصب على أنه مفعول به، وقد نص المصنف على ذلك في باب التعجب، قال فيه:((وموضعه رفع بالفاعلية، لا نصب بالمفعولية، خلافاً للفراء والزمخشري وابن خروف))، فإذا كان /مذهب الفراء أنه في موضع نصب فكيف يرتفع بالفعلين، فيكون مثل قام وقعد زيد. ... [٣: ٢٢/ب]
قال المصنف:((ولا يمتنع على مذهب البصريين أن يقال: أحسن وأعقل بزيد، على أن يكون الأصل: أحسن به وأعقل بزيد، ثم حذفت الباء لدلالة الثانية عليها، ثم اتصل الضمير، واستتر كما استتر في الثاني من قوله {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ}، فإن الثاني يستدل به على الأول كما يستدل بالأول على الثاني، إلا أن الاستدلال بالأول على الثاني أكثر من العكس)) انتهى.