للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقولك: صمت ثلاثة أيام، والتقسيط بقولك: أذنت ثلاثة أيام، قال: «وقد يكون العمل صالحاً لهما، فيجوز أن يقصد المتكلم ما شاء منهما، كقولك: تهجدت ثلاثة ليال، فيجوز أن تريد الاستيعاب، ويجوز أن تريد إيقاع تهجد في بعض كل واحدة منهن» انتهى. وإذا قلت سرت يومين فلا يجوز أن تكون إنما سرت في أحدهما.

وهذا النوع من الظروف لا يكون العامل فيه إلا ما يتكرر ويتطاول، ولو قلت: مات زيد يومين أو ثلاثة أيام، وأنت تريد الموت الحقيقي- لم يجز ذلك.

وقال في البديع: «متى كان الظرف جواباً لـ «كم» كان العمل مستغرقاً له؛ لأنها سؤال عن عدد، فلا يقع جوابه إلا بجميع ما تضمنه سؤاله، وإن أجيب ببعضه لم يحصل غرضه، فإذا قال: كم صمت؟ قلت: يومين، مثلاً، فلا يكون صومك دونهما، ولا أكثر منهما، ويكون الجواب نكرة كهذا، ومعرفة كاليومين المعهودين».

وأنكر ابن السراج أن يرد جواب كم معرفة، فقال: «ولا يجوز أن تقول: الشهر الذي تعلم؛ لأن هذا من جواب متى, ومتى كان الظرف جواب متى كان العمل مخصوصاً ببعضه؛ لأنها سؤال عن تعيين الوقت، فلا يجيء في جوابه إلا المخصوص، فإذا قال: متى قدمت؟ قلت: يوم الجمعة، ولو قلت يوماً لم يجز، ويجوز أن يقع معرفة باللام، فتقول: اليوم المعهود. فأما قولهم: سار الليل، والنهار, والدهر, والأبد- فهو- وإن كان لفظه لفظ المعارف- فإنه في جواب كم، ولا يجوز أن يكون في جواب متى؛ لأنه يراد به التكثير، وليس بأوقات معلومة محدودة، فإذا قيل: سير عليه الليل والنهار- فكأنه قيل: سير عليه دهراً طويلاً».

<<  <  ج: ص:  >  >>