للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض أصحابنا: «ومما يدل على أن شهر المحرم قد يكون العمل فيه كله وقد يكون في بعضه قوله تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}، وإنزال القرآن إنما هو في بعضه؛ بدليل {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، وقوله تعالى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤) شَهْرُ رَمَضَانَ} في قراءة من نصب، والصيام إنما هو في جميعه، بخلاف رمضان من غير إضافة شهر إليه، فإن العمل لا يكون إلا في جميعه، نحو قوله عليه السلام (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)؛ إذ فهموا أن هذا الثواب الجزيل إنما جعل في مقابلة القيام في جميع رمضان لا في بعضه» انتهى.

والسبب في أن كان العمل في جميع الشهر إذا أضيف إلى علم الشهر وفي بعضه أن الشهر بإضافته إلى الاسم العلم صار وقتاً عندهم؛ وخرج عن أن يكون معدوداً، وكأنه قال: سرت زمان رمضان، ووقت رمضان؛ لأن الشهر إذا أضيف إلى اسمه لم يرد به معنى العدد؛ لأن في اسمه معنى العدد؛ ألا ترى أن رمضان كما قدمناه بمنزلة قولك الثلاثين يوماً المسماة بالمحرم، فلو أضفت شهراً إليه مريداً به العدد كان بمنزلة: ثلاثي ثلاثين، وذلك لأنه لا وجه له، ولو أفردت شهراً، فقلت: سرت شهراً، أو سرت الشهر الذي تعلم- عم العمل جميعه؛ لأنه حالة الانفراد لا يراد به وقت، إنما هو بمنزلة الثلاثين يوماً إن كان معرفة، وبمنزلة ثلاثين يوماً إن كان نكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>