وما ذهبوا إليه باطل؛ لأنهم بنوه على أن في تقتضي التبعيض، وهي إنما هي للوعاء، قال تعالى {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}، فأدخل في على الأيام، والعمل متصل فيها؛ بدلالة قوله تعالى {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا}، وقال تعالى {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى}، فأدخل في على ضمير الأيام والليالي مع أن الرؤية متصلة في جميعها.
وفي الإفصاح:«الكوفيون لا يجيزون: صمت في يوم الخميس، ولا: قرأت في يوم الخميس، إذا استوعبت، ويقولون: في تقتضي التبعيض، كما تقول: جلست في الدار. والكوفيون في ذلك على غير صواب؛ فإن العرب تقول: تكلمت في القوم أجمعين، وسرت في بعض النهار، وصمت النهار، فيستوعبه.
وقبل هذا القول منهم ابن الطراوة، وزاد: إنك إذا نصبت ما لا تدخل عليه «في» في مذهبهم فإنما تنصبه على أنه مفعول به، نحو: سرت ميلاً، وفرسخاً، وبريداً، ونحو: صليت المحرم. وهذا كله ليس بشيء؛ لأن المقصود بالظرفية الوقوع في الوقت استوعبه أو لم يستوعبه» انتهى.
وهذا تقسيم لظروف الزمان اختصرناه من كلام أصحابنا: ظرف الزمان ثلاثة أقسام:
قسم يقع جواب /كم لا جواب متى، وهو ما كان موقتاً غير معرف ولا مخصص بصفة، والعمل فيه جميعه لا بعضه، ولا يعمل فيه إلا ما يتكرر ويتطاول.