وقال قوم: علة بنائه شبه الحرف؛ إذا افتقر في الدلالة على ما وضع له إلى اليوم الذي أنت فيه, كما افتقر الحرف إلى غيره.
وقال قوم: بني لشبهه بالأسماء المبهمة في انتقال معناه؛ لأنه لا يختص بمسمى دون آخر.
وأجاز الخليل في لقيته/ [٣: ١٨٩/ أ] أمس أن يكون التقدير: لقيته بالأمس, فحذف الحرفين الباء وأل, فتكون الكسرة على هذا كسرة إعراب.
وزعم قوم منهم الكسائي لأنه ليس مبنيًا ولا معربًا, بل هو محكي, سمي بفعل الأمر من المساء, كما لو سمي بأصبح من الصباح, فهو لفظ محكي, كما قال:
بئس مقام الشيخ أمرس أمرس
فموضع أمرس موضع المبتدأ, كأنه قال: بئس مقام الشيخ المقام الذي يقال فيه أمرش أمرس, يريد مقام الاستقاء بالدلو. وكذلك: جئت أمس, أي: اليوم الذي كنا نقول فيه: أمس عندنا أو معنا, وكانوا كثيرًا ما يقولون ذلك للزور والخليط إذا أراد الانصراف عنهم, ولاسيما مع حبهم الأضياف, فكثرت هذه الكلمة على ألسنتهم حتى صار اسمًا للوقت واليوم الذي قبل يومك وليلتك, وتعريفه بالإشارة إلى أنه اليوم الذي قبل يومك, وخرج بذلك عن حكم الأسماء النكرات؛ لأن بابها أن تتعرف بلام التعريف.