وأما صفة الظرف، / [٤: ١٠/ أ] نحو: سرت قليلًا - فيضعف فيه التوسع إلا إن وصف، وقد يحسن في بعضها إذا كثر فيها التصرف كقريب، وهو سماع.
وقوله فيجعل مفعولًا به مجازًا هذا مذهب البصريين. وفصل الكوفيون، فزعموا أن ما كان العمل في جميعه انتصب على التشبيه بالمفعول به، ولا يجوز انتصابه على الظرف؛ لأن الظرف يلزم عندهم أن يكون العمل في بعضه من جهة أنه ينتصب على تقدير "في"، و"في" للتبعيض عندهم، وإن كان العمل في بعضه جاز أن يكون انتصابه على الظرف، أو على التشبيه بالمفعول به.
وقوله ويسوغ حينئٍذ - أي: حين التوسع- إضماره غير مقرون بـ "في" وذلك أن أصل الظرف أن يتعدى إليه الفعل بوساطة في، ولذلك يجوز التصريح بها في كثير من الظروف، لكنه استغنى عن "في" بمعناها في الأسماء الظاهرة، فإذا أضمرت تعدي الفعل إلى الضمير بوساطة "في"؛ لأن الضمير غالبًا يرد الأشياء إلى أصولها؛ ألا ترى قولهم في لد زيد: لدنه، وفي لم تك صديقنا: إن لم تكنه فمن يكونه، وفي قعدت جبنًا: الجبن قعدت له، وفي المال لزيٍد: المال له، فرد النون في لدنه، وفي تكنه، واللام في له، وفتح اللام في له رجوعًا إلى الأصل - لأجل الضمير، فعلى هذا تقول: اليوم سرت فيه، فإذا جاء بمثل "اليوم سرته" علم أنه لم يقصد الظرفية، وإنما جعل مفعولًا به على سبيل التوسع. فمن التوسع في ظرف الزمان قوله:
ويوٍم شهدناه سليمًا وعامرًا قليٍل سوى الطعن النهال نوافله