فالجواب: أن الإضافة إلى الظرف من قبيل إضافة التخفيف، وليست على معنى اللام فيناقض معناها معنى في، وإنما المخفوض منصوب في التقدير. والدليل على أن الإضافة للتخفيف أن المضاف لا يتعرف بها وإن كان الذي أضيف إليه معرفة؛ ألا ترى أن طباخاً لم يتعرف بإضافته إلى ساعات الكرى، ولذلك أجري على النكرة.
والصحيح عندي أنه لا يضاف إليه إلا بعد الأتساع فيه كما ذهب إليه أبو علي، لكن العلة فيه غير ما ذكره، وهو أن الظرف إذا دخل عليه الخافض خرج عن الظرفية؛ ألا ترى أن وسطاً إذا دخل عليها الخافض صارت اسماً بدليل التزامهم فتح سينها، و «وسط» المفتوحة السين لا تكون إلا اسماً. والسبب في خروج الظروف بالخفض عن الظرفية إلى الاسمية ما ذكره أبو الحسن في كتابه الكبير من أنهم جعلوا الظرف بمنزلة الحرف الذي ليس باسم ولا فعل؛ لشبهه به من حيث كان أكثر الظروف أخرج منها الإعراب، وأكثرها أيضاً لا يثنى ولا يجمع ولا يوصف، قال: فلما كانت كذلك كرهوا أن يدخلوا فيها ما يدخلون في الأسماء.
وقوله والإسناد إليه قال المصنف في الشرح: «من ضروب المجاز التوسع بإقامة الظرف/ [٤: ١١/ب] المتصرف مقام فاعل الحدث الواقع فيه، ومقام المفعول الموقع به الحدث، فالأول كقوله تعالى {اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}، وقوله {إنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}، وكقول الشاعر: