وإذا أخذ بظاهر كلام س في تقديره وملابسه زيدًا فلا يكون مفعولًا معه، إنما يكون مفعولًا به، وعلى هذا أخذ، أبو بكر بن طاهر وتلميذ، ابن خروف، غير أنهما قالا: الناصب لزيد فعل مضمر لا مصدر؛ لأنه لا يجوز حذف الوصول وإبقاء شيء من صلته، وقد نص على ذلك س، فتقدير الناصب له حقيقةً: وتلابس زيدًا، غير أن فيه قبحًا لعطف الفعل على الاسم، فلذلك لما أراد س إظهار الناصب قدره بما لا يقبح فيه- ونظير ذلك امتناع الحكايةً بـ ((أي)) وجوازها بـ ((من)) في الأعلام؛ لأنهم لو قالوا أي زيدًا لظهر القبح في اللفظ لاختلاف إعرابي المبتدأ والخبر واستتاره في: من زيدًا. وكذلك هذه المسألةً جاز عطف الفعل على الاسم مع الإضمار لاستتار القبح، فإذا أظهر غير، فهذا هو السبب في تقدير س الناصب مصدرًا.
وأطال المصنف في الشرح الاستدلال على حذف المصدر وإبقاء معموله، وهو مذهب الكوفيين، قال:((وحذفه إذا قويت الدلالةً عليه وارد في الكلام الفصيح، كقوله تعالى {وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، أي: وصد عن المسجد الحرام، وضعف عطفه على (سبيل الله) لأجل الفصل، وعطفه على الضمير لأن ذلك لا يجوز عند الأكثرين، ولأنه لا يصح أيضًا، من جهة