وحجة الفراء أنه قد ثبت في الاستثناء المنقطع أنه من الحكم لا من الاسم؛ فوجب أن يكون كذلك في الاستثناء المتصل؛ لأنك إذا قلت ما رأيت أحدًا إلا حمارًا فمحال أن يستثنى الحمار من الأحدين؛ لأنه ليس منهم, وإنما استثنيت رؤيته من الرؤية المتقدمة لأنها من جنسها.
وأجيب بأنه قد يمكن أن يستثنى الحمار من أحد وإن لم يكن من جنسه على أوجه من المجاز تأتي إن شاء الله.
قالوا: والصحيح مذهب س وجمهور البصريين؛ لأنه إذا ثبت أن الإخراج من الحكم ثبت إخراج الاسم من الاسم؛ إذ محال أن يكون حكم ما بعد إلا خارجًا عن حكم ما قبلها, ويكون الاسم داخلًا تحت الاسم الذي قبلها؛ ألا ترى أن معنى قام القوم إلا زيدًا: إخراج زيد عن القيام, فيلزم من ذلك ألا يكون داخلًا في القوم المحكوم عليهم بالقيام؛ لأنه يكون غير قائم قائمًا, وذلك لا يكون.
وقول المصنف "وهو المخرج"، وقول النحاة "الاستثناء إخراج كذا" ليس بجيد أصلًا ولا بمحرر؛ فإن المستثنى قط ما دخل تحت الاسم الأول ولا تحت حكمه فيوصف بالإخراج؛ إذ لو دخل فيهم أو في حكمهم ما صح إخراجه البتة.
وإصلاح ذلك أن يقال: المستثنى هو المنسوب إليه بعد الأداة/ [٤: ٢٨/ب] ١ مخالفة المنسوب إليه قبلها.
وقوله بإلا قال المصنف في الشرح: "الباء في بإلا متعلقة بالمخرج, واحترز بذلك من إلا بمعنى غير, كقوله تعالى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا}، والتي بمعنى الواو, كقوله تعالى {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا}، أي: