وبدأ المصنف بـ"إلا" لأنها أم الباب بدليل كثرة تصرفها في باب الاستثناء؛ إذ تُستعمل وما قبلها تام وغير تام، ولا يستعمل غيرها إلا حيث يكون تامًا، إلا غيرًا، فإنها تُستعمل استعمال إلا، إلا أن الغالب عليها الوصفية، بخلاف إلا، فإن / [٤: ٢٩/ أ] الغالب عليها الاستثناء. وتُستعمل إلا بين الصفة والموصوف، وبين الحال وصاحبها، ويقع بعدها كل ما يصح أن يكون صفة، كالجمل الاسمية، والفعلية، ولذلك قال س:"فحرف الاستثناء إلا"، يعني أنه حرفه الموضوع له الأصلي فيه.
وقوله أو ما بمعناها هي الأدوات التي يأتي ذكرها في هذا الباب إن شاء الله.
وقد قدم المصنف ذكر نوعي الاستثناء المتصل والمنفصل، وذكر أن الإخراج يكون بإلا أو ما بمعناها، ولا يستوي في الأدوات التي بمعنى إلا الاستثناء المتصل والمنفصل، فإن الأفعال التي يُستثني بها لا تقع في الاستثناء المنفصل، لا تقول: ما في الدار أحد خلا حمارًا، وكان ينبغي للمصنف أن يبين ذلك؛ إذ ظاهر كلامه يقتضي التسوية بين المتصل والمنفصل في إلا وفي بقية الأدوات.
وقوله بشرط الفائدة نبه المصنف بهذا على أن النكرة لا يُستثنى منها في الموجب ما لم تُفد، فلا يقال: جاء قومٌ إلا رجلًا؛ لعدم الفائدة، وإن دخلت فائدة جاز، كقوله تعالى {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلاَّ خَمْسِينَ عَامًا}.
وقال أصحابنا: لا يُستثني من النكرة غير العامة النكرة المجهولة عند السامع، نحو: قام رجالٌ إلا رجلًا، لا على الاتصال، ولا على الانقطاع، فإن تخصصتا جاز، نحو: قام رجالٌ كانوا في دارك إلا رجلًا منهم، فإن عمت جاز، نحو: ما جاءني أحدٌ إلا رجلًا.