للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال السهيلي: «الحال التي يسمونها مؤكده للفعل , وزعموا أن منها قوله تعالى} وأرسلنك للناس رسولاً {,} وهو الحق مصدقاً {, إنما تظن منهم , ولا وجود للحال المؤكدة في كلام فصيح ولا تقول: ضربت زيداً مضرباً , ولا: تكلم عمرو متكلماً , لأن الفعل إنما يؤكد بفعل مثله أو بالمصدر الذي هو أصله , وهو مضمن في لفظه , وأما الحال فصفه للفاعل أو المفعول , فكيف يؤكد الفعل بما هو صفه لغير؟ وأيضاً فان في الحال ضميراً فاعلاً , فحكه حكم جمله من فعل وفاعل ,والشيء الواحد لا يؤكد بجمله ولا بما فيه زيادة على معنى الفعل , بل في الفعل زيادة على معنى المصدر , وهو المضي والاستقبال.

فأما} هو الحق مصدقاً {فمعناه ناطقاً بالتصديق لما بين يديه , فناطقاً حال كسائر الأحوال , والعامل فيه ما في الحق من معنى الفعل , لأنه صفه مشتقه من حق يحق , أي: ثب , وقد يكون الشيء حقاً ولا يكون مصدقاً لغيره ولا مكذباً , والقران حق , وهو مع ذلك ناطق بتصديق ما سبق من الكتب المنزلة , فصح النصب في مصدق كما صح في ناطق.

وأما} وأرسلنك للناس رسولاً {فلم يقل: وأرسلناك مرسلاً , فيكون لهم حجه , ألا تراه كيف قال} وكلم الله موسى تكليماً {, ولم يقل مكلماً ,} ونزلنه تنزيلاً {, ولم يقل منزلاً , فهذا كله يدل على أن الفعل لا يؤكد بالحال , فلا تقول: أرسل الله محمداً / مرسلاً , وتقول: أرسله للناس رسولاً , لأن الشيء المرسل قد لا يكون رسولاً , قال تعالى} أرسلنا عليهم الريح العقيم {, فالريح مرسلة

<<  <  ج: ص:  >  >>